رغم المخاوف والشكوك.. «سورية الجديدة» تتحسس الخطى
رغم مرور أسبوعين على انهيار النظام السوري وفرار رئيسه إلى روسيا، لا يزال السوريون في حالة من “الغموض”، خاصة أن سقوط النظام لم يكن حدثاً عادياً، بل سياسياً زلزال.
وأسفرت عشرة أيام من القتال بين فصائل المعارضة المسلحة عن استئصال حكم بشار الأسد والنظام “البعثي” الذي حكم البلاد وشعبها لأكثر من 50 عاماً. لكن هذا التغيير بقي عند بعض الأقليات في سوريا، التي كانت قلب النظام السابق وتتواجد في المناطق الساحلية مثل اللاذقية وطرطوس، وهي أقلية مركزية بالنسبة لها؛ بل لأن غالبيتهم وضعوا ثقتهم في بشار الأسد واستخدموه درعاً بشرياً ضد المعارضة المسلحة، مما جعل مصيرهم غامضاً ومليئاً بالخوف من الانتقام لجرائمه بحق معارضيه في مواجهة ارتباطهم المعروف. إلى فضائح النظام السابق وفظائعه في سجن صيدنايا.
وفي الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الجديدة تحديات وتحديات تتطلب مشاركة كافة الفصائل في بناء “سوريا الجديدة”، لا تزال المخاوف من الانزلاق إلى الفوضى قائمة في المجتمع الدولي. النازحين واللاجئين.
لقد أثقلت سوريا ليس فقط جرائم نظام الأسد، بل أيضاً مستوى التدخلات والمصالح الخارجية المتضاربة، خاصة فيما يتعلق بالوضع الداخلي على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إضافة إلى العربدة الإسرائيلية التي شهدتها. وقد تم استغلال الفراغ وتدمير نحو 80% من القدرات العسكرية السورية مما يضيف مشاكل كبيرة إلى التحديات. وهذا يتطلب تقليص المخاوف وتضميد الجراح سريعا ووضع جدول أولويات، بدءا من دستور جديد متفق عليه وانتهاء بانتخابات شفافة وتشكيل حكومة قادرة على إيصال البلاد إلى بر الأمان.
تمثل الأحداث التي شهدتها سوريا في الأيام الأخيرة نقطة تحول في المشهد الجديد لا يمكن لأي قوى تجاوزها إلا من خلال الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية وتجريمها، والعمل على إعادة بناء النسيج الاجتماعي المشترك بين الشعب فكرياً وثقافياً. واجتماعياً بروح تضع، بحسب مراقبين سوريين، المصلحة العليا للبلاد فوق كل التوترات والخلافات.
ويؤكد مراقبون أن الطائفة العلوية والمسيحيين وغيرهم ممن شكلوا قلب النظام السابق وجوهر النضال الذي خاضه الأسد ضد خصومه، يجب أن يعملوا بجدية أكبر لنبذ العنف والاندماج بشكل أكثر ولاءً في المجتمع، ويخشون انتقام فصائل المعارضة ويؤكدون على ذلك. أن العديد من العلويين، الذين لديهم رؤية سياسية قوية، كانوا ضد سلوك الأسد والأخطاء التي ارتكبها.
وقالت إحدى النساء السوريات من الطائفة العلوية: “رأيت أن كل ما فعله الأسد على حساب الشعب السوري، سواء كانوا علويين أو غيرهم، لم يكن لنا الحق في الاختيار، وكان هناك شعور بالديمومة”. الضغط على الجميع” وأكدت أنها أرادت في السنوات الأخيرة دولة مدنية يتم فيها الاعتراف بحقوق جميع الطوائف دون تمييز، وهناك حريات للجميع ويعيش الجميع بسلام، لكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به في الوقت الحالي.
لكن تأكيدات رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال محمد البشير في مقابلة مع صحيفة كورييري دي لا سيرا الإيطالية بأن حكومته ستعمل على ضمان حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن دينهم أو أصلهم، ينظر إليها السوريون على أنها تحدي لإرسال بعثة. رسالة واضحة حول النهج الجديد الذي، إذا استمر، سيخلق سوريا الجديدة التي حلم بها الجميع في العقود الأخيرة.
وقال كريستيان جوزيف: تمنينا إسقاط الأسد طوال العقود الماضية، لكننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء على الفور. لقد حول المخبرون حياتنا إلى جحيم. لذلك، نأمل أن يكون البديل ذا أهمية كبيرة للوطنية والحرص على مصالح الشعب، ولن نسمع قصصاً عن الانتقام من الأقليات. ويجب أن يعم سوريا كل خير وسلام، سواء بيننا وبين المسلمين، دروزاً أو أكراداً، وأن يترجم احتفالنا بنهاية النظام إلى بروتوكول يكرس في أسسه دستوراً يلبي طموحاتنا. في الوحدة الوطنية وبناء الدولة التي نسعى من أجلها.
يشار إلى أن المخاوف بعد سقوط الأسد لم تكن كبيرة لدى الأقليات الدرزية كما هي لدى العلويين والمسيحيين، خاصة أن هذه الأقلية في سوريا صغيرة وكانت أكثر حذراً في علاقتها بنظام الأسد ولم يكن لديها أي تقارب. وهذا ما يعبر عنه أبناء هذه الطائفة في المقام الأول بالقول: “إن الأمل في بناء وطن مشترك لا يموت مهما صعبت التحديات”.
والسؤال الأهم هو: هل سينجح قائد دائرة العمليات العسكرية أحمد الشرع في تنفيذ رؤيته التي نقلها لوفد من الطائفة الدرزية عندما قال: “عقلية الدولة ستكون حاضرة” عقلية المعارضة. ضرورة وجود عقد اجتماعي بين الدولة وكافة الطوائف لضمان العدالة الاجتماعية.