المشاط: تقرير OECD يكشف توصيات عملية لتعزيز الابتكار والشمولية في الاقتصاد العربي

أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بالتعاون مع الحكومة المصرية، تقريرًا شاملًا حول وضع سياسات المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال في مصر. يُعد هذا التقرير جزءًا من برنامج التعاون القطري بين مصر ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويحمل عنوان “سياسات المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال في مصر: نحو اقتصاد أكثر شمولًا وابتكارًا”.
يهدف التقرير إلى تقديم نظرة تحليلية موجزة عن الفرص والتحديات التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في مصر. كما يتضمن سلسلة من التوصيات المستندة إلى المعايير الدولية وأفضل الممارسات من الدول ذات التجارب الناجحة، والتي يمكن تطبيقها في السياق المصري.
صرحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بأن التقرير يُبرز الإمكانات الهائلة لريادة الأعمال والشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في مصر، ويعكس جهود الحكومة لبناء اقتصاد تنافسي قائم على الابتكار والمعرفة. وأكدت على أهمية التعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في إطار البرنامج الوطني. تُصدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقارير تشخيصية تُبرز إمكانات الاقتصاد المصري، وتُقدم العديد من التوصيات لتعزيز التنمية الاقتصادية.
أشادت المشاط بالتعاون البناء والمستمر بين مصر والمنظمة في إطار البرنامج الوطني، الذي مُدد حتى عام ٢٠٢٥. ويُعد هذا البرنامج ركيزةً أساسيةً للتعاون المشترك، وأداةً حيويةً لدمج الخبرات الدولية في استراتيجية التنمية الوطنية المصرية، وخاصةً “رؤية مصر ٢٠٣٠” والبرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي. ويشمل البرنامج ٣٥ مشروعًا موزعةً على خمسة محاور رئيسية، وُضعت من خلال عملية تشاركية شاملة. ويعكس هذا التزام مصر باتساق السياسات وتنفيذ الإصلاحات بما يتماشى مع أجندة الإصلاح الوطنية.
كما أكدت على دور المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، التي تعمل، بالتنسيق مع مختلف الجهات الوطنية المعنية، على تعزيز بيئة داعمة للابتكار وريادة الأعمال، ودعم الشركات الناشئة. ويتحقق ذلك من خلال تحليل مختلف التحديات التي تواجه القطاع والعمل على معالجتها. وأشارت إلى أنه تم الانتهاء من إعداد ميثاق الشركات الناشئة، وسيتم تنفيذه قريبًا، إلى جانب حزمة من الإجراءات الداعمة المخطط لها للقطاع.
في هذا السياق، أوضح باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر (MSMEDA)، أن التقرير يُعدّ في إطار البرنامج الوطني المصري، الذي يُنفّذ برعاية وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وبالتنسيق مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وبالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لتنفيذ مشروع “ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة”. يتضمن هذا المشروع إعداد تقرير حول “مراجعة إطار سياسات الأعمال وريادة الأعمال في مصر”، يُركّز على مجالين رئيسيين: الخدمات المالية والتكنولوجية، والتحول الرقمي، بالتشاور والشراكة مع الشركات الشريكة ذات الصلة. تضمّن التقرير تحليلاً مُفصّلاً للوضع الراهن لأداء الأعمال والمبادرات الرئيسية على المستوى الوطني. كما حلّّل الفجوات القطاعية، وصاغ وقدّم توصيات لتطوير ونمو قطاع الأعمال وريادة الأعمال وفقاً لأفضل الممارسات الدولية. وشدّد التقرير على أهمية قطاع الأعمال في مصر، كونه يُمثّل 90% من الاقتصاد المصري.
أوضح رحمي أن جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، يعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال. وستعمل الهيئة على تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير، بالتنسيق والشراكة مع جميع شركاء التنمية المحليين والدوليين.
أشار التقرير إلى أن مصر، بصفتها الدولة الأكثر سكانًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (بأكثر من 110 ملايين نسمة)، تتمتع بسوق ضخمة وإمكانات ريادية واعدة. كما أشار إلى أنه على الرغم من التحديات العالمية، ظل الاقتصاد المصري من أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة على مدى السنوات الخمس الماضية.
أوضح التقرير أن رؤية مصر 2030 تُولي اهتمامًا خاصًا لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة المبتكرة، بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص. ويتماشى ذلك مع التوجهات العالمية نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار وريادة الأعمال.
سلّط التقرير الضوء على الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر، والتي تُشكّل أكثر من 90% من الناتج الاقتصادي للبلاد. وتتركز معظم المشاريع في قطاعي التجارة والخدمات. وأوضح التقرير أنه على الرغم من تزايد عدد الشركات الناشئة الحكومية، لا تزال هناك فجوة في ريادة الأعمال تحتاج إلى معالجة من خلال تعزيز الابتكار، وزيادة الإنتاجية، والتحول من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.
وأضاف التقرير أنه على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في التعليم والبحث العلمي، بالإضافة إلى طفرة رأس المال الاستثماري، لا تزال بعض التحديات تواجه الشركات الصغيرة. وأكد على أهمية مواصلة الجهود المبذولة مؤخرًا لتبسيط الإجراءات، وتحسين مناخ الأعمال، وزيادة المنافسة.
سلّط التقرير الضوء على إنشاء المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، التي تُنسّق الجهود الحكومية لتنفيذ تدابير لدعم الشركات الناشئة، ومساعدتها على الوصول إلى الأسواق العالمية، وربط الحلول المبتكرة التي تُقدّمها هذه الشركات بالتحديات التي تواجه هذا القطاع. كما سلّط الضوء على الدور التنسيقي الذي تضطلع به هيئة تنمية المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة (MSMEDA) بين الجهات الحكومية لتطوير هذا القطاع.
أكد التقرير على أهمية تعزيز سياسات اللامركزية التي تراعي الفروقات الجغرافية بين المحافظات، من خلال تطوير برامج محلية لسد الفجوات المكانية. كما أشاد بمستوى التحول الرقمي في مصر، وأوصى بوضع استراتيجية وطنية لرقمنة الشركات الصغيرة، تتضمن حوافز ضريبية وتشجيع التحول الرقمي.
وفي مجال التكنولوجيا المالية، يدعو التقرير إلى إدخال نظام ترخيص تدريجي لشركات التكنولوجيا المالية، وتوسيع قاعدة الدفع الرقمي، ودمج أدوات التمويل الرقمية في سياسات الشركات العامة.
واختتم التقرير بعدد من التوصيات، أبرزها تطوير قاعدة بيانات سنوية شاملة حول أداء وخصائص المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال، وإدخال “اختبار تأثير المشروعات الصغيرة” قبل إقرار القوانين الجديدة، ومراجعة وتبسيط القوانين القائمة، وإنشاء آلية مستقلة لمتابعة تنفيذ قانون المشروعات الصغيرة وإعداد التقارير السنوية بمشاركة الجهات المعنية، وتوفير حوافز ضريبية لرأس المال الاستثماري، ووضع استراتيجية لريادة الأعمال النسائية بالتعاون بين هيئة تنظيم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والصغيرة والمجلس القومي للمرأة، وتحسين كفاءة حاضنات الأعمال من خلال وضع معايير وطنية للاعتماد والتقييم، وتعزيز دور مؤسسة ضمان الائتمان وزيادة رأس مالها بهدف توسيع نطاق الضمانات للمشروعات الصغيرة.
يُذكر أن مصر تولت مؤخرًا رئاسة مبادرة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “الحوكمة والتنافسية من أجل التنمية في الشرق الأوسط” للفترة 2026-2030، إلى جانب إيطاليا وتركيا. وفي إطار مشاركتها في اجتماع المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس مطلع يونيو، التقت الدكتورة رانيا المشاط بالأمين العام للمنظمة، ماتياس كورمان، لبحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين ومواصلة تنفيذ البرنامج الوطني.