مدبولي: رؤية استراتيجية واضحة لبناء “مصر الرقمية” من قبل الدولة المصرية

ألقى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي كلمةً بمناسبة إطلاق خدمات الجيل الخامس للاتصالات المحمولة في مصر. وحضر الحفل عددٌ من الوزراء، ومحافظ الجيزة، وعددٌ من وزراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابقين، ولفيفٌ من كبار المسؤولين، ورؤساء الجهات المعنية بقطاع الاتصالات المصري، ورؤساء وممثلي شركات الاتصالات المحمولة المصرية.
استهل رئيس الوزراء كلمته بالترحيب بالسادة الوزراء الحاضرين، وممثلي الشركات العالمية والمحلية. كما رحب بالشباب المصري من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث المهم، الذي يُمثل الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر، ويبشر بمرحلة جديدة من التحول الرقمي والتمكين التكنولوجي والتنمية الاقتصادية، استنادًا إلى بنية تحتية رقمية مُعززة للنمو.
في هذا السياق، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة المصرية، بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد وضعت رؤية استراتيجية واضحة لبناء “مصر الرقمية”. تنبع هذه الرؤية من قناعة راسخة بأن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قطاع واعد يُكمّل القطاعات الاقتصادية التقليدية الثلاثة (الزراعة، والصناعة، والسياحة)، وسيُصبح محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية في البلاد. هذا القطاع في طور التحول من قطاع خدمي بحت إلى قطاع خدمي إنتاجي يُسهم في نهضة مصر الاقتصادية والمعرفية.
أكد رئيس الوزراء أن فخامة الرئيس سبق أن عبّر عن هذا التوجه بوضوح في خطاب سابق، مؤكدًا أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قطاع جدير بالمشاركة مع القطاعات الإنتاجية الأخرى لزيادة الإنتاج المصري، وزيادة فرص العمل، وزيادة الصادرات خلال الفترة المقبلة.
في كلمته، قال رئيس الوزراء: “لقد بات جليًا أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو قاطرة التنمية في القرن الحادي والعشرين؛ ليس فقط لكونه من أسرع القطاعات نموًا، بل أيضًا لمساهمته الكبيرة في إعادة تشكيل الاقتصاد الحديث وإحداث نقلة نوعية في طريقة تقديم الخدمات، وإنتاج المعرفة، وتطوير التعليم، وتوسيع الرعاية الصحية، وإدارة الحكومة”. وأضاف أنه من هذا المنطلق، يتابع عن كثب الجهود الحثيثة لمنح تراخيص الجيل الخامس لشركات الهاتف المحمول المصرية، وخطة إطلاق خدمات الجيل الخامس. ويتماشى ذلك مع رؤية الدولة في تطوير خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للمواطنين والمؤسسات في مصر، وخلق بيئة استثمارية جاذبة. ولذلك، يحرص على أن يشهد توقيع أول اتفاقية ترخيص للجيل الخامس في عام 2024، وأن يتغلب على التحديات المختلفة على مدار العام لإصدار التراخيص لبقية المشغلين. وتبلغ الاستثمارات حوالي 700 مليون دولار. وأكد أن هذه الاستثمارات تُظهر قدرة الدولة على خلق مناخ استثماري جاذب في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر.
وفي هذا السياق، أضاف الدكتور مصطفى مدبولي: “إننا نمضي قدماً بثقة في تطبيقات الجيل الخامس، فنحن لا نطلق خدمة جديدة فحسب، بل نخلق بنية تحتية ذكية يمكنها دعم الصناعات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والمدن الذكية، والأنظمة السيبرانية، وكل ما يتعلق بمستقبل اقتصاد المعرفة”.
كما أوضح رئيس الوزراء حرصه المستمر خلال زياراته للمحافظات على الإشراف على تطوير البنية التحتية الرقمية في جميع أنحاء البلاد، باعتبارها أحد ركائز التنمية الشاملة للدولة. وأكد أن توفير الإنترنت فائق السرعة وتحسين خدمات الهاتف المحمول في القرى المصرية، ضمن المبادرة الرئاسية الطموحة “حياة كريمة”، دليل واضح على التزام الحكومة المصرية بتوسيع نطاق التحول الرقمي ليشمل جميع المواطنين، وخاصة في المناطق الريفية. فهذه الخدمات توفر لأبنائنا فرصةً عظيمةً للتعلم والعمل كمحترفين مستقلين.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: “أود أن أذكر ما لمسته خلال زياراتي المتكررة لمراكز الابتكار الرقمي في مصر، ومدارس التكنولوجيا التطبيقية WE، ومراكز التعهيد. إن المواهب الشابة المبدعة والمؤهلة التي رأيتها هناك تُعزز إيماني بأن المصريين متفوقون في هذا المجال. لقد رأيت شبابًا من خلفيات أكاديمية متنوعة – القانون، والأدب، والتجارة، والزراعة، والفنون – يختارون العمل ويثبتون أقدامهم في هذا القطاع الواعد. كما التقيت بشباب لم يجدوا فرصًا في مجالاتهم التقليدية، لكنهم امتلكوا الإرادة لتوجيه مسيرتهم المهنية نحو التكنولوجيا، وحققوا نجاحًا باهرًا.”
استذكر رئيس الوزراء إحدى زياراته لمحافظة نيتل، حيث التقى بالطالبات المجتهدات في المعاهد التقنية، والراغبات في إكمال دراستهن الجامعية. وهذا ما دفعنا إلى إعطاء الأولوية لخريجات هذه المعاهد في القبول بالجامعات التقنية. وأشار إلى أن هناك نجاحًا قد تحقق بالفعل في هذا الصدد، حيث أصدر المجلس الأعلى للجامعات قبل أيام قرارًا يسمح بقبول خريجات المعاهد التقنية، بما فيها جامعات العلوم التطبيقية، في كليات علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي. وهذه خطوة فريدة في هذا المجال.
كما ناقش الدكتور مصطفى مدبولي ما لاحظه من سعي الشركات لمضاعفة قوتها العاملة خلال أشهر قليلة. واعتمد بعضها على متخصصين يعملون من منازلهم في محافظاتهم، وعلى مراكز تعهيد خارجية تقدم خدمات متطورة لشركات عالمية في مجالات متخصصة للغاية، من تصنيع برمجيات السيارات إلى الأمن السيبراني وخدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
أكد رئيس الوزراء أن الحكومة لا تزال تركز على بناء رأس المال البشري في هذا القطاع، مستشهدًا بأحدث المبادرات الحكومية في هذا الصدد، وهي مبادرة “رواد الرقمية”. هذه المبادرة، برعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتنفذها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع الكلية الحربية المصرية. وتهدف إلى تدريب 12 ألف شاب وشابة من جميع أنحاء الجمهورية سنويًا في تخصصات متقدمة، مثل الأمن السيبراني، وعلوم البيانات، والذكاء الاصطناعي، والبرامج المتكاملة، وغيرها من العلوم التي تؤهل شبابنا للتطوير المهني في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
أكد رئيس الوزراء في كلمته أيضًا أنه مع إطلاق خدمات الجيل الخامس، تُمكّن الدولة البنية التحتية التكنولوجية لمصر من تحقيق نقلة نوعية جديدة، مما يُمكّن من تسريع التحول الرقمي في جميع القطاعات الحكومية، وتحقيق أهداف “مصر الرقمية”، وتقديم خدمات أكثر كفاءة وذكاءً للمواطنين. وجدد تأكيده على إيمانه السابق بأن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو قطاع الأمل. ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات اقتصادية وجيوسياسية جسيمة، يواصل هذا القطاع نموه بنسبة 16% سنويًا، كما صرّح فخامة الرئيس قبل أيام، ولا تزال فرص النمو فيه هائلة.
في ختام كلمته، وجّه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الشكر لكل العاملين في هذا القطاع الحيوي، ولشركائنا المحليين والدوليين في القطاع الخاص، الذين يُثبتون ثقتهم بالسوق المصرية وقدرات أبنائها يومًا بعد يوم. ولشبابنا، أقول: هذا وقتكم وفرصتكم. فتقنية الجيل الخامس لا تُوفّر اتصالًا أسرع فحسب، بل تُمكّن مواهبكم ومشاريعكم الطموحة وأفكاركم المبتكرة ورؤيتكم الجديدة للمستقبل.
أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة المصرية ستواصل دعم هذا القطاع بكل ما يلزم، سواءً من حيث البنية التحتية أو التشريعات أو التدريب أو الشراكات الدولية. ونحن ملتزمون بتهيئة مناخ استثماري مناسب، وندعو جميع شركاء القطاع الخاص في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى الاستفادة من رغبة الحكومة الصادقة في تعزيز تطوير هذا القطاع، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، والاستفادة من الكفاءات المصرية.
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلاً: “معاً نبني مستقبلاً رقمياً واعداً تصبح فيه مصر مركزاً إقليمياً للبيانات والبرمجيات والخدمات الرقمية… وسنساهم جميعاً – الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني – في بناء “مصر الرقمية”.