وزيرة التضامن تكشف عن خطط جريئة لحماية النساء في العالم الافتراضي!

شهدت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي رئيسة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية في دورته الحالية افتتاح المؤتمر العام العاشر لمنظمة المرأة العربية برئاسة جمهورية مصر العربية رئاسة المنظمة في دورتها الحادية عشرة. المؤتمر تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ويرأسه الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتورة حورية الترمان وزيرة الدولة لشئون المرأة بدولة ليبيا، والمستشارة آمال عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة، والدكتورة فادية كيوان المدير العام لمنظمة المرأة العربية.
تعقد الدورة العاشرة للمؤتمر العام لمنظمة المرأة العربية تحت شعار “التواصل وتمكين وحماية النساء والفتيات من العنف السيبراني والعنف من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي”.
وفي المؤتمر تم تكريم السفيرة ميرفت التلاوي، الرئيسة السابقة للمجلس القومي للمرأة، على جهودها.
وبدأت وزيرة التضامن الاجتماعي كلمتها بتوجيه خالص الشكر لرئيس الجمهورية على رعاية هذا المؤتمر الهام الذي يعد تعبيرا عن الإرادة السياسية لتمكين المرأة في كافة المجالات. وأعربت عن شرف لها أن تتناول قضية العنف وتصاعد الجرائم الإلكترونية ضد النساء والفتيات.
في عصر أحدثت فيه التكنولوجيا الرقمية تحولاً جذرياً في حياتنا وفتحت آفاقاً غير مسبوقة للتواصل والمعرفة والتنمية، فإن جانباً آخر من هذه الثورة التكنولوجية هو استخدامها كأداة لإدامة التمييز والعنف، وخاصة ضد الفئات الأكثر ضعفاً، وخاصة النساء والفتيات.
وأكدت الدكتورة مايا مرسي أن العنف الإلكتروني ضد المرأة ليس مجرد إساءة استخدام للتكنولوجيا، بل هو توسع وتكثيف لأنماط العنف التي تواجهها المرأة في جميع أنحاء العالم. ويشكل هذا انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان الأساسية وتهديدا لكرامة المرأة وسلامتها. وتؤكد جمهورية مصر العربية التزامها الثابت بحماية جميع مواطنيها وتولي أهمية خاصة لضمان سلامة النساء والفتيات، بما في ذلك في الفضاء الرقمي الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من واقعنا المعاصر.
وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعي إلى أن العنف الإلكتروني بأشكاله المختلفة – من التحرش والابتزاز عبر الإنترنت إلى نشر المعلومات الخاصة والتشهير – أصبح واقعًا مؤلمًا للعديد من النساء والفتيات، ويخلف عواقب نفسية واجتماعية مدمرة. وأكدت أن منظمة المرأة العربية تولي هذه القضية اهتماما خاصا إيمانا منها بدورها المركزي في الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيزها. وقالت “إننا هنا في جمهورية مصر العربية نؤمن إيمانا راسخا بأهمية حماية المرأة والفتيات في كافة المجالات، بما في ذلك الفضاء الرقمي”.
وأكدت أن الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية هي العامل الأهم في تمكين المرأة في مصر. ويتجلى الالتزام بتمكين المرأة في كافة التصريحات الرسمية التي تنص على أن تمكين المرأة هو “واجب” لأنه حق. اتخذت الدولة المصرية خطوات جادة وملموسة لمكافحة العنف الإلكتروني وحماية النساء والفتيات من مخاطر هذا العنف. كما تلتزم جمهورية مصر العربية بموجب دستورها بضمان المساواة بين جميع المواطنين وحماية حقوقهم وحرياتهم. وتعمل الدولة من خلال مؤسساتها المختلفة على ترجمة هذه الالتزامات إلى استراتيجيات وبرامج تهدف إلى تمكين المرأة وحمايتها من كافة أشكال العنف والتمييز.
لقد حققت مصر تقدما ملحوظا. ومنذ عام 2017، أكدت الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 على أهمية التحول الرقمي والتكنولوجيا والابتكار والشمول المالي. وتشمل المبادرات والأطر الوطنية لتمكين الفتيات والاستثمار فيهن أنشطة التوعية بالتكنولوجيا والابتكار. في بلدنا 36% من خريجي الجامعات نساء، و48% من النساء يشاركن في البحث العلمي، و40% من النساء يعملن في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، و50% من المدراء في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نساء. كما طرحت مصر برامج ومبادرات لتشجيع المرأة على دخول مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
بلغ إجمالي عدد براءات الاختراع الممنوحة خلال السنوات العشر الماضية 965 براءة اختراع، منها 131 براءة اختراع منحت للنساء و318 براءة اختراع للرجال والنساء على حد سواء. ولأول مرة، تم تأسيس شراكة مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) لتمكين رائدات الأعمال في المجتمعات المحلية. تم إنشاء منصة لتمكين المرأة، تقدم فرص التدريب والجوائز لأفضل الأفكار المبتكرة. وأطلقت مصر أيضًا هاكاثونًا تكنولوجيًا لمكافحة العنف ضد المرأة، كما أجرت حملات توعية بالتعاون مع منصات التواصل الاجتماعي لتوفير بيئة آمنة للمرأة.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن النساء في جميع أنحاء العالم ضحايا للعنف الإلكتروني، وخاصة أولئك في المناصب القيادية والحياة العامة وفي ذروة نشاطهن وتأثيرهن. وسيتم تقويض نجاحاتهم من خلال حملات التشهير والكراهية. ولا يقتصر هذا العنف على الإيذاء النفسي بل يشمل الانتهاكات الصارخة لخصوصيتهم بأشكال مختلفة، مثل اختراق حساباتهم، وسرقة معلوماتهم الشخصية، ونشر محتوى شخصي دون موافقتهم. ويترك هذا الغزو للخصوصية ندوباً عميقة ويحول الفضاء الرقمي، الذي كان من الممكن أن يكون أداة لتقرير المصير والتواصل، إلى ساحة للخوف والترهيب. هناك إدراك متزايد في المحافل الدولية بأن العنف ضد المرأة قد اتخذ أبعادًا جديدة وخطيرة في العصر الرقمي. وتلفت الأمم المتحدة، من خلال هيئاتها المختلفة ومنظماتها الإقليمية، الانتباه بشكل متزايد إلى هذه المشكلة وتدعو إلى اتخاذ إجراءات لمعالجتها.
وتساعد المبادرات العالمية مثل حملة 16 يومًا من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي في زيادة الوعي بهذه المشكلة، بما في ذلك بعدها الرقمي. أصدرت لجنة الخبراء المعنية باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التوصية العامة رقم 40 بشأن النهوض بالمرأة في مناصب صنع القرار، والتي توضح بوضوح تأثير العنف الإلكتروني ضد المرأة على تراجع مناصب القيادة السياسية للمرأة ومشاركتها في الحياة العامة. ويستند هذا النهج إلى الاعتراف بأن العنف الإلكتروني مثل التشهير والتحرش عبر الإنترنت يمكن أن يضعف مشاركة المرأة في الحياة العامة ويثنيها عن السعي إلى تولي مناصب قيادية. وتخلق هذه البيئة الرقمية المعادية أيضًا صورة سلبية يمكن أن تؤدي إلى انخفاض حاد في تمكين المرأة. وإدراكاً لخطورة التحديات التي يفرضها الفضاء الرقمي، بدأت مصر جهودها بإقرار القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، والذي دخل حيز التنفيذ في 15 أغسطس/آب 2018. ويمثل هذا القانون حجر الزاوية في الاستجابة التشريعية المصرية للجرائم الإلكترونية، ويهدف إلى تحقيق عدة أهداف أساسية، بما في ذلك تنظيم الفضاء الرقمي. تعزيز الثقة في استخدام الخدمات الإلكترونية، وحماية البيانات والمعلومات الشخصية والحكومية من الهجمات والمخاطر الإلكترونية، وتوفير إطار قانوني فعال لمكافحة كافة أنواع الجرائم الإلكترونية، وحماية خصوصية وكرامة الأفراد من الانتهاكات بالوسائل التكنولوجية، ومنع الاستخدام غير المشروع للتكنولوجيا لإيذاء الآخرين.
وتعمل أجهزة إنفاذ القانون المصرية، بما في ذلك الوحدات المتخصصة في مكافحة الجرائم الإلكترونية، على إنفاذ هذه القوانين وملاحقة مرتكبي الجرائم الإلكترونية. وتوجد قنوات يمكن من خلالها الإبلاغ عن هذه الجرائم، مثل الخط الساخن للمجلس القومي للمرأة. ويقوم المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بتنفيذ حملات توعية تستهدف مختلف شرائح المجتمع لرفع الوعي بمخاطر العنف الإلكتروني وكيفية الوقاية منه والإبلاغ عنه. بالإضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ برامج تدريبية لتزويد النساء والفتيات بالمهارات الرقمية وتعزيز استخدامهن الآمن للتكنولوجيا.
كما تهتم مصر بتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال مكافحة العنف السيبراني وحماية المرأة مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية. تجدر الإشارة إلى أن مكافحة ظاهرة العنف الإلكتروني ضد النساء والفتيات ليست مسؤولية جهة واحدة، بل تتطلب جهداً مشتركاً من الحكومات والمنظمات الدولية وشركات التكنولوجيا والمجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والأفراد. وبدون نهج شامل وتعاوني، لن نتمكن من تحقيق تقدم حقيقي. ولذلك تدعو جمهورية مصر العربية الدول الشريكة إلى العمل معًا لتعزيز الإطار القانوني لضمان حماية النساء والفتيات من العنف المرتبط بالتكنولوجيا. كما تدعو إلى تبادل الخبرات وتنظيم برامج تدريبية مشتركة لموظفي إنفاذ القانون والقضاء والنيابة العامة لزيادة فعاليتهم في التحقيق في هذه الجرائم، والتعامل مع الأدلة الرقمية بحساسية، وفهم احتياجات الضحايا وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم.
نحن نستثمر في حملات التوعية والبرامج التعليمية لجميع شرائح المجتمع، وخاصة الشباب، لتعزيز المواطنة الرقمية المسؤولة، وزيادة الوعي بمخاطر الإنترنت، ونشر ثقافة المساواة بين الجنسين، وتحدي الصور النمطية والأعراف الاجتماعية الخاطئة التي تغذي العنف. علاوة على ذلك، تلعب شركات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي دوراً حاسماً في تشكيل البيئة الرقمية، ويتجاوز دور المنصات مجرد كونها وسيطاً محايداً. وتؤثر قرارات التصميم والسياسات الخاصة بها بشكل مباشر على أمان المستخدم وتتطلب نهجًا استباقيًا يركز على دمج الأمان في جميع مراحل تطوير المنتجات والخدمات. ومن ثم، فإنها تتحمل مسؤولية كبيرة في ضمان سلامة مستخدميها. ولذلك فإننا ندعو هذه الشركات إلى تطبيق سياسات سلامة صارمة وتطبيقها بشكل فعال، فضلاً عن اعتماد وتنفيذ سياسات مجتمعية واضحة ومتاحة للعامة تجرم صراحة العنف والتحرش ضد المرأة بجميع أشكاله. ونحن نطالب أيضًا بتطبيق هذه السياسات بشكل صارم ومتسق، مع توفير آليات شفافة وفعالة للشكاوى والاستئناف.
دمج اعتبارات سلامة المستخدم، وخاصة النساء والفتيات، في تصميم وتطوير المنتجات والخدمات الرقمية من خلال توفير ضوابط خصوصية قوية، وخيارات حظر وتصفية متقدمة، وآليات إعداد تقارير سهلة الاستخدام. تطوير أنظمة إعداد التقارير سهلة الاستخدام والتي تراعي الثقافات المختلفة وتعمل على معالجة التقارير بشكل فعال. التعاون مع الحكومات والمجتمع المدني في المبادرات الرامية إلى رفع الوعي الرقمي، وتعزيز السلوك المحترم عبر الإنترنت، وتثقيف المستخدمين حول المخاطر المحتملة وطرق حماية أنفسهم.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أننا نجدد دعوتنا إلى شراكة قوية والتزام متجدد من جميع أصحاب المصلحة – الحكومات وشركات التكنولوجيا والمنظمات الدولية والمجتمع المدني – لأن التقدم المنشود لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المسؤولية المشتركة والجهود المنسقة والأدوار المتكاملة.
واختتمت وزيرة التضامن الاجتماعي كلمتها قائلةً: “لن نتردد في هذا المنتدى عن الحديث عن معاناة أهلنا في قطاع غزة، وعن آثار الحرب والأعمال العدائية والهجمات على السكان المدنيين… الذين يواجهون عقباتٍ كأداء، ويتضاءل وصولهم إلى الرعاية الطبية والخدمات والسلع الأساسية… ونؤكد رفضنا القاطع للوضع اللاإنساني الذي يعيشه أهلنا في قطاع غزة… إن الحصار المستمر وتدهور الأوضاع المعيشية والصحية وصمة عار في جبين البشرية جمعاء. ونجدد نداءنا للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لإنهاء هذا الظلم وتقديم الدعم اللازم لضمان عيش سكان قطاع غزة حياةً كريمة وآمنة”.
واختتمت وزيرة التضامن الاجتماعي كلمتها بالتأكيد على كلام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي: “إن طرد أو ترحيل الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن أن نشارك فيه”، وأنه لا يجوز المساس بالمبادئ الأساسية لموقف مصر التاريخي من القضية الفلسطينية.