في شمال غزة.. تشبث بما تبقى من حياة رغم الحصار والدمار
رغم مرور 100 يوم على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على المحافظة شمال قطاع غزة، إلا أن آلاف المواطنين يصرون على التمسك بمنازلهم وما تبقى من حياتهم اليومية، رغم الدمار الواسع والحصار الظالم الذي يقيدهم إيقاف شراء المواد الغذائية والمياه في ظل حرب الإبادة الجماعية لليوم 464 في هذا القطاع.
وفي الأشهر الأخيرة، استخدم جيش الاحتلال كافة الوسائل لإجبار السكان على النزوح، لكن الآلاف رفضوا الانصياع، مما جعلهم عرضة لخطر الموت والجوع في منازلهم وملاجئهم، والذي لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.
في هذه الأثناء، تشهد المنطقة تفجيرات متواصلة تستهدف كل حركة في المنطقة، ما يجعل الخروج من المنازل خطرًا مميتًا، بحسب شهود عيان للأناضول.
استشهاد وخسارة 5000 مواطن
تشير إحصاءات جديدة إلى أن عمليات الإبادة والتطهير العرقي التي نفذها جيش الاحتلال في شمال قطاع غزة قبل 100 يوم، أدت إلى استشهاد وخسارة 5000 مواطن، وإصابة 9500، وسجن 2600.
إن تدمير المنازل والمستشفيات والمرافق العامة والبنية التحتية يظهر بوضوح نية الاحتلال الإسرائيلي القضاء بشكل متعمد ومنهجي على الإمدادات الأساسية في قطاع غزة، مما يؤدي إلى أزمة إنسانية خطيرة تؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني.
شهادات مؤلمة
وتكشف شهادات السكان المحليين عن الدمار المستمر الذي تشهده المنطقة. يتم حرق المنازل بشكل منهجي، ويتم تسوية الأراضي بالأرض. ولا يزال الآلاف يعيشون في ظروف مأساوية في بيت لاهيا وبيت حانون وأجزاء من مخيم جباليا.
وقال أمجد فايز، أحد سكان حي تل الزعتر شمال مخيم جباليا، لوكالة أنباء الأناضول، إنهم يعيشون “ظروفا كارثية” دون مقومات أساسية، لكنهم مصرون على البقاء ويرفضون التهجير.
وأضاف: “أمام محاولات الاحتلال معاقبتهم بكل الوسائل الممكنة، اختار شعب شمال غزة الصامد البقاء حتى النهاية أو مواجهة الموت”.
وأوضح فايز أن الغذاء والماء لم يتوفرا منذ أسابيع وأنهم بالكاد قادرون على العيش بما يستطيعون تحمله.
وأشار إلى أن الكثير من الأهالي فقدوا حياتهم أثناء البحث عن الطعام والماء لأن جيش الاحتلال استهدفهم في كل تحركاتهم.
وأضاف: “نرى كل يوم منازل وممتلكات بأكملها تحترق وتنفجر، فيما تعجز فرق الإنقاذ عن التدخل”.
وأكد أن المئات من المواطنين ما زالوا محاصرين في منازلهم واستشهد بعضهم دون أن يتمكن أحد من انتشال جثثهم لصعوبة الحركة.
وأشار إلى أن الشوارع امتلأت بجثث الشهداء التي نهشتها الكلاب والقطط ولم يتم انتشالها بعد، رغم مرور أسابيع على الهجوم المستهدف.
أسباب الوفاة متعددة
وتروي الشابة ربا المصري، التي تم تهجيرها من بلدتها بيت حانون إلى بلدة بيت لاهيا المجاورة، مشاهد مأساوية من حياتها تحت الحصار، قائلة: “أصبحت المدينة كومة من الركام بعد معظم أراضيها وأراضيها”. لقد سويت المنازل بالأرض في الأسابيع القليلة الماضية”.
وأشار المصري إلى انتشار المسيرات العسكرية وآليات الاحتلال في معظم أنحاء المدينة، مع استمرار عمليات الهدم بشكل متواصل.
وأضافت: “الموت يحيط بنا من كل جانب، سواء من الجوع أو العطش أو القصف، ومع ذلك نرفض مغادرة شمال غزة لأن أرواحنا مرتبطة بهذا المكان والموت أسهل من الرحيل”.
مكب النفايات الشمالي
وتابع المصري: “إن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تطهير شمال قطاع غزة لتحويله إلى مستوطنة، لكن هذا الحلم سيبقى بعيد المنال ونحن مستمرون في الصمود في هذه المنطقة”.
منذ 5 أكتوبر 2024، يشن جيش الاحتلال عملية عسكرية متصاعدة في شمال قطاع غزة، ويفرض حصاراً خانقاً على القطاع ويمنع وصول الغذاء والماء والدواء، بهدف تحويله إلى منطقة عازلة و وطرد سكانها تحت وطأة القصف الدموي والحصار الشديد.
وبحسب موقع “واينت” العبري الذي نشره في سبتمبر الماضي، فإن “خطة الجنرالات” تهدف إلى تحويل غزة ومحافظات الشمال إلى منطقة عسكرية مغلقة.