بين الحكومة والنقابة.. قانون المسئولية الطبية: مشرط جراح أم قيد على يد الطبيب؟
ما أسباب حماس الحكومة للمشروع مقابل مطالبة الأطباء بالتوقف عن مناقشته؟
“لا لحبس الأطباء في القضايا المهنية” هاشتاج يتصدر صفحات الأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي تضامنا مع مطالبة النقابة برفض مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي أقره مجلس الشيوخ يوم الاثنين في جلسته العامة.
ومن ناحية أخرى، تضغط الحكومة من أجل إصدار القانون كخطوة لحماية حقوق المرضى. وتعرب نقابة الأطباء في بعض مقالاتها عن مخاوفها، معتبرة ذلك تهديدا لمستقبلهم المهني ومقدمة لـ”نزيف مهني” جديد قد يدفع بعضهم إلى الهجرة، خاصة أولئك المرتبطين بتجريم الأخطاء الطبية وما يتصل بها. لفرض أحكام بالسجن على الأطباء.
العملية القانونية والجدل المرتبط بها
وبعد أن أقرت الحكومة الشهر الماضي مشروع القانون الذي أعلنته استجابة لمطالب الحوار الوطني، تمت إحالته إلى مجلس الشيوخ ومناقشته بالتفصيل على مدار 14 اجتماعا في لجنة الصحة والسكان. بمشاركة واسعة، بما في ذلك الحكومة والهيئة التنظيمية المالية وكذلك الأطباء والصيادلة ونقابات التمريض.
رؤية الحكومة
دكتور. وأكد خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة، في كلمته خلال مناقشة قانون المسؤولية الطبية وحماية المرضى بلجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أن “القانون له علاقة بالمشرط الجراحي”. ضمان حقوق فريق الرعاية الصحية وتوفير بيئة عمل جذابة وآمنة تساعدهم على ضمان أفضل جوانب الرعاية الصحية مع حماية حقوق المريض وحمايته من أي إهمال.
ويشير وزير الصحة إلى أن القانون ينص على توحيد إطار المسؤولية المدنية والجنائية للعاملين في المجال الطبي، مع الأخذ في الاعتبار صعوبات العمل في المجال الطبي. وأكد أن وزارة الصحة منفتحة على أي تعديلات يمكن أن يجريها المشرع فيما يتعلق بفصل العقوبات في قانون المسؤولية الطبية وحماية المرضى وفق الإطار والقواعد القانونية.
نقابة الأطباء. الرفض والحركات
ومن ناحية أخرى، دعت نقابة الأطباء جميع الأطباء المصريين لحضور اجتماع عمومي طارئ يوم الجمعة 3 يناير؛ “أن تعلن رفضها لمشروع القانون بصيغته الحالية” و”تناول المواد” التي وصفتها بـ”المواد التي تقنن حبس الأطباء في القضايا المهنية”، ودعت جميع أعضائها إلى حضور الجمعية العمومية واتخاذ قرار بشأنها ويشاركون فاعلين في الجلسة، و”للتعبير عن رفضهم القاطع لمشروع القانون بصيغته الحالية، والذي يهدد النظام الصحي “بالكامل””.
تضامن الصحفيين
كما أعلنت نقابة الصحفيين في بيانها تضامن نقيب الصحفيين خالد البلشي مع مطالب الأطباء وطالبت البرلمان بدراسة القانون بعناية والاستجابة لمطالب نقابة الأطباء. وغيرها للاستماع إلى النقابات المهنية، في إطار عملية حوار تعاوني تشارك فيه جميع الأطراف، معتبرين أن “منطق العقاب وسيادة ثقافة السجن” ليس حلاً لمشاكل الأمم سوف يكون.
ما الذي يقلق الأطباء؟
وتوضح نقابة الأطباء اعتراضاتها على القانون في النقاط التالية:
رفض حبس الأطباء في القضايا المهنية
وتطالب النقابة بمحاسبة الطبيب الذي يتسبب في ضرر للمريض عن طريق خطأ غير مقصود، ما دام يعمل في تخصصه ويلتزم بقواعد السلوك المهني وقوانين الدولة، مسؤولية مدنية، بما في ذلك التعويض المالي الكافي للتعويض عن الضرر دون التعرض لعقوبة السجن.
تحديد نطاق المسؤولية الجنائية
وترى النقابة أن الطبيب لا يتحمل المسؤولية الجنائية إلا إذا خالف قوانين الدولة أو عمل خارج تخصصه أو قام بإجراء طبي محظور بموجب القانون.
– المطالبة برفع الحبس الاحتياطي
وتطالب النقابة بإلغاء الحبس الاحتياطي للادعاءات التي توجه ضد مقدم الخدمة أثناء أو بسبب ممارسة الطبيب لمهنته، حيث لا يوجد مبرر للحبس الاحتياطي في القضايا المهنية بسبب هوية الطبيب، ومحل إقامته. ومكان عملهم غير معروف، وملتزمون بعملهم ومنتسبون للنقابة، وبالتالي لا يجوز تمديد الحبس الاحتياطي. ويجب أن تكون جميع التدابير الأخرى خارج نطاق الحبس الاحتياطي كافية لحين بدء الإجراءات وإصدار الحكم.
دور اللجنة العليا للمسؤولية الطبية
وتؤكد النقابة على ضرورة قيام اللجنة العليا للمسؤولية الطبية بدور الخبير الفني لسلطات التحقيق والمحاكمة عند تلقي كافة الشكاوى المقدمة ضد مقدمي الخدمات الطبية. كما تطالب النقابة بأن يكون قرار اللجنة العليا ملزما فنيا لجميع الأطراف.
دور صندوق التعويضات
وتطالب النقابة صندوق التعويضات بتغطية قيمة التعويضات كاملة. وليس المساهمة فيه فقط، كما ينص مشروع القانون.
مخاوف الطبيب والتأثير المحتمل للقانون
ويعرب الأطباء عن مخاوفهم من أن يؤدي القانون بصيغته الحالية إلى ممارسة “الطب الدفاعي”، أي أن الأطباء يحاولون تجنب الحالات المعقدة والصعبة خوفا من المسؤولية القانونية. ونظرًا لانخفاض فرص النجاح، يفقد العديد من المرضى فرصة العلاج.
نزيف في العمل.. أرقام تدعو للقلق
ويأتي القانون في وقت يعاني فيه قطاع الرعاية الصحية في مصر من “نزيف مهني” حيث تشير الإحصاءات إلى زيادة عدد الأطباء الذين يتركون وظائفهم الحكومية.
وفي عام 2021، وصل عدد الأطباء الذين انتهت خدمتهم إلى 4127، وهو أعلى رقم منذ سنوات.
وبحسب تقرير نشر في أبريل 2022 بعنوان “نقابة الأطباء تدق ناقوس الخطر”؛ وبلغ إجمالي عدد الأطباء المستقيلين في الفترة من بداية عام 2019 إلى 20 مارس 2022 11.536.
وذكر التقرير أيضًا أنه وفقًا لسجلات نقابة الأطباء، فإنه حتى مارس 2022، بلغ عدد الأطباء المسجلين نحو 228862 طبيبًا، بينما لا يتجاوز عدد العاملين بالقطاع العام نحو 93536 طبيبًا بنسبة 40.8%.