“دير أبو مينا بالإسكندرية: رفع الموقع الأثري من قائمة التراث العالمي المهدد”

قررت لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رسميا رفع موقع دير أبو مينا الأثري ببرج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
جاء ذلك خلال الدورة السابعة والأربعين للجنة التراث العالمي، المنعقدة حاليًا في مقر اليونسكو بباريس، فرنسا. وجاءت الجلسة عقب استعراض تقرير بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (إيكوموس) لعام ٢٠٢٥. وسلطت البعثة الضوء على التقدم الملحوظ المحرز في أعمال الحفظ والترميم في موقع أبو مينا الأثري، لا سيما إنشاء نظام فعال لرصد ومراقبة استقرار المياه الجوفية، والذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة.
كما أشاد التقرير بالجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة المصرية في تنفيذ كافة التوصيات التي سبق طلبها في هذا الشأن، وأكد أن حالة الحفظ المطلوبة لرفع الموقع من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر قد تحققت بشكل كامل.
وفي هذا السياق قررت لجنة التراث العالمي رفع موقع أبو مينا من قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، وهنأت مصر على هذا الإنجاز الكبير الذي يعكس التزامها بحماية وحفظ تراثها الثقافي وفقاً للمعايير الدولية.
أعرب وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، عن ارتياحه لهذا الإنجاز، واصفًا إياه بالهام. وأشاد بالجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة لخفض منسوب المياه الجوفية، وترميم المعالم الأثرية، وتوسعة بعض المعالم السياحية. وقد ساهمت هذه الجهود في رفع هذا الموقع الاستثنائي من قائمة المعالم الثقافية المهددة بالانقراض، وضمان الحفاظ على عناصره الأثرية للأجيال القادمة وفقًا للمعايير الدولية للترميم والحفظ.
أعرب وزير السياحة والآثار عن خالص امتنانه وتقديره لجميع الجهات المعنية في الدولة المصرية والكنيسة المصرية، ولكل من ساهم في هذا النجاح الكبير. وأكد أن هذا التعاون البنّاء يعكس الإرادة الوطنية في الحفاظ على التراث المصري بجميع أشكاله، ويمثل نموذجًا رائعًا للجهود المتكاملة لحماية الهوية الثقافية المصرية.
كما يتقدم الوزير بالتهنئة الخاصة لقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ويشيد بدوره وجهود الكنيسة في ضمان نجاح هذا المشروع.
صرح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بأن قرار لجنة التراث العالمي يمثل اعترافًا دوليًا بجهود الحكومة المصرية في اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لرفع موقع أبو مينا الأثري من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر. وأشار إلى أن هذه الجهود شملت تعزيز العناصر الأثرية للموقع، وإنشاء نظام رصد خاص لضبط منسوب المياه الجوفية وتثبيته. وقد أثبت هذا النظام فاعليته من خلال القياسات الدورية، وهو ما أكدته بعثة الرصد التفاعلية المشتركة لهذا العام بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للآثار والمواقع.
أكد الأمين العام أن الحكومة المصرية تُولي أهمية بالغة لاستدامة هذا النجاح. وستُراجع وتُحدِّث خطة الحفظ بالتشاور مع الهيئات الاستشارية، وتضمن توفير جميع الموارد اللازمة والمستدامة للحفاظ على القيمة العالمية المتميزة للموقع، بما في ذلك تشغيل وصيانة مرافق إدارة المياه الجوفية. وفي الوقت نفسه، سيُحاط مركز التراث العالمي علمًا كاملًا بجميع التطورات المتعلقة بالموقع.
صرح الدكتور جمال مصطفى، رئيس قسم الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، بأن دير أبو مينا يُعد من أهم المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية، وهو المحطة الثانية للحج المسيحي بعد القدس، وقد أُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو عام ١٩٧٩ لأهميته الدينية والمعمارية.
ومن أبرز الاكتشافات المعمارية والأثرية التي تم الكشف عنها أثناء أعمال الحفر في دير أبو مينا البئر الذي يحتوي على قبر القديس مينا، والكنيسة الرئيسية، وساحة الحج، والتي تعكس جميعها الأهمية الروحية والمعمارية العميقة لهذا الموقع.
وقد أدى التوسع في استصلاح الأراضي واستخدام أساليب الري بالغمر حول الموقع إلى ارتفاع كبير في منسوب المياه الجوفية، مما أثر سلباً على البنية الأثرية، وأدى إلى إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في عام 2001.
في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة المصرية للحفاظ على هذا التراث الفريد، وحماية مكوناته الأثرية، والحفاظ على سلامته، بدأ مشروع خفض منسوب المياه الجوفية عام ٢٠١٩ بعد استكمال جميع الدراسات اللازمة لتحديد التصميم الأمثل وطريقة التشغيل الأمثل لنظام خفض منسوب المياه الجوفية. بدأ المشروع التشغيل التجريبي منتصف نوفمبر ٢٠٢١، وافتتحه الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، عام ٢٠٢٢. كما أُجريت أعمال ترميم واسعة النطاق للعناصر المعمارية المتبقية من الدير، وهي خطوة مهمة ساهمت بشكل مباشر في استيفاء متطلبات رفع الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.