هدية الحجاج: تقليد روحاني يعكس الروابط الاجتماعية بعد أداء مناسك الحج

في ختام مناسك الحج، وطوال رحلة الإيمان، يكثر الحجاج من شراء الهدايا والتسوق في الأسواق والمراكز التجارية المحيطة بالمسجد الحرام بمكة المكرمة. في ذلك تعبير روحي عن سعادتهم واستعداد للعودة إلى أوطانهم بعد أن منّ الله عليهم بأداء المناسك. إنه تعبير عن الفرح والسعادة في نهاية الحج، وتعبير روحي عن المحبة، وتقوية الروابط الاجتماعية بين الأهل والأقارب.
موسم الحج
ترمز معظم هذه الهدايا إلى الأماكن المقدسة ولها دلالة دينية عظيمة. ومن أشهر الهدايا ماء زمزم، والمسابح، ونسخ القرآن الكريم، إلى جانب العطور والبخور والمسك والتمر، وخاصة تمر العجوة.
تشهد أسواق مكة المكرمة والمدينة المنورة ازدهارًا ملحوظًا في الأيام التي تلي الحج، وتكتظ المتاجر بالحجاج من مختلف الجنسيات. تشمل هذه الأسواق مراكز التسوق في منطقة الحرم، وسوق العزيزية، وسوق الحجاز، وأسواق المدينة المنورة القريبة من المسجد النبوي. يعرض التجار تشكيلة واسعة من المنتجات، ويقدمون للحجاج عروضًا خاصة، وأحيانًا خصومات على المشتريات الكبيرة.
قالت أم عبد الله، بائعة في محل عطور بمكة: “أكثر ما يطلبه الحجاج دهن العود والمسك الأسود، إذ يشترونهما بكميات كبيرة لتوزيعهما على الأهل والجيران عند عودتهم. ورغم مشقة الرحلة وتكاليفها الباهظة، لا يغفل الحاج عن هذا الواجب الاجتماعي، ويدخل البهجة والسرور على قلوب أقاربه عند لقائهم بعد أن منّ الله عليه بأداء مناسك الحج”.
أوضح الحاج أحمد شرف من مصر أن الهدية تُعزز الروابط الأسرية، لا سيما أنها جاءت من الحرمين الشريفين. وأكد أن هدايا الحج أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تقاليد المسلمين بعد الحج، تجمع بين البركة والمودة، وبُعد روحي وإنساني عميق.
من جانبه، قال الحاج علي من إندونيسيا: “لا أستطيع العودة إلى عائلتي دون أن أحضر لهم شيئاً من مكة، حتى لو كانت هدية بسيطة مثل سبحة أو زجاجة صغيرة من ماء زمزم، لأن الهدية لها أهمية كبيرة لدى من تُقدم له”.
قالت الحاجة فاطمة من المغرب إن أكثر الهدايا التي تشتريها بعد أداء فريضة الحج هي السجاد والصور التذكارية للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة. تهدف هذه الهدايا إلى إحياء هذه المعالم في قلوب الحجاج، لما لها من قيمة دينية عظيمة، وغرس محبة من لم يتمكن من أداء فريضة الحج، ومشاركتهم جزءًا من رحلة الإيمان.