وزير الصحة يؤكد: الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة مفتاح مستقبل الرعاية الصحية المتقدمة

حضر الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، افتتاح المؤتمر السنوي لكلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة 2025، تحت عنوان “نحو مجتمع طبي مبتكر”. حضر المؤتمر الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي، والدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، والدكتور حسام صلاح عميد كلية طب قصر العيني، والدكتور أحمد طه رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس ورؤساء الجامعات، وممثلين عن عدد من الهيئات الطبية والعلمية ذات الصلة.
وفي كلمته، أكد الدكتور خالد عبد الغفار أن كلية طب قصر العيني مؤسسة طبية وتعليمية عريقة لها تاريخ يمتد لأكثر من 190 عامًا، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1827 كأول كلية طب في مصر والشرق الأوسط. على مدى عقود من الزمن، كانت منارة للمعرفة ومهداً لتدريب أجيال من الأطباء والعلماء الذين ساهموا في تطوير القطاع الصحي في مصر والعالم العربي. وأكد أن الكلية مستمرة في أداء رسالتها التعليمية والبحثية وخدمة المجتمع، وأن مستشفياتها تستقبل أكثر من مليوني مريض سنوياً، ما يعكس دور الكلية الهام وقدراتها المتميزة.
وأضاف نائب رئيس مجلس الوزراء أن هذا العصر يشهد تطورات متسارعة في كافة مجالات الحياة وخاصة في القطاع الصحي. ويواكب مؤتمر كلية طب قصر العيني هذا العام هذه التطورات ويقدم رؤية هامة تسلط الضوء على جوهر التحديات والفرص في القطاع الطبي. وأشار إلى أن العالم يعتمد بشكل متزايد على التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات الضخمة. إن مواكبة هذه التطورات أصبحت ركيزة أساسية لا غنى عنها في مجال الطب وكافة الخدمات الصحية، لما لهذه الأدوات من أثر إيجابي في تحسين أداء الخدمات المقدمة وضمان المساواة في الحصول على الخدمات الصحية.
وأضاف الدكتور خالد عبد الغفار أن الثورة في تحويل قطاع الرعاية الصحية من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مجالات التشخيص المبكر والتشخيص عن بعد والعمليات الذكية وتحليل البيانات الصحية أصبحت حقيقة واقعة. ويتطلب ذلك وضع استراتيجيات واضحة لاستخدام هذه الأدوات لتحسين مستوى الخدمات الطبية وضمان كفاءتها. وأضاف أن الابتكارات في الطب تعد إحدى أدوات الصحة العامة، حيث تعد الابتكارات في الطب ركيزة أساسية يجب دعمها من خلال تحسين قدرات البحث العلمي ورفع قدرات عدد من المراكز البحثية لتطوير علاجات وتقنيات محلية الصنع تلبي احتياجات المواطن المصري.
وأشار الدكتور خالد عبد الغفار إلى أن الابتكارات الطبية فتحت فرصاً واعدة لعلاجات متطورة تسهم في تحسين نوعية الحياة. وتشمل هذه التطورات استخدام الخلايا الجذعية المعدلة وراثيا لعلاج فقر الدم المنجلي، والأطراف الصناعية الذكية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتوسيع تطبيقات الطب الشخصي، والمراقبة الذاتية للصحة من خلال الأجهزة القابلة للارتداء والمتصلة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطوير المستشفيات الذكية التي تزيد من كفاءة الخدمات الصحية.
وأوضح نائب رئيس الوزراء أن التكنولوجيا في المجال الطبي لا تقتصر على الفحص والتشخيص، بل تشمل جميع الجوانب، مثل الابتكارات في التعليم الطبي. وهذا يتطلب الآن توفير مناهج تفاعلية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتفكير النقدي والتدريب المبني على الكفاءة لتأهيل الأطباء المصريين للمنافسة الإقليمية والعالمية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير التعليم الطبي المستمر أمر بالغ الأهمية لتمكين مختلف أعضاء فرق الرعاية الصحية من تقديم الرعاية الصحية القائمة على الأدلة.
واختتم نائب رئيس الوزراء كلمته مؤكداً أن انعقاد هذا المؤتمر تحت رعاية كلية طب قصر العيني تأكيد آخر على أن مصر لديها مؤسسات تعليمية وطبية قادرة على إحداث التغيير وصنع المستقبل. وأعرب عن أمله في أن تسفر المناقشات في هذا الحدث العلمي المهم عن رؤى وتوصيات عملية من شأنها أن تساعد في دعم خطط الدولة الطموحة لتطوير القطاع الصحي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وفي كلمته، أوضح الدكتور أيمن عاشور الرؤية الطموحة للمؤتمر لمستقبل طبي قائم على الابتكار والاستقلالية. وأكد التزام الوزارة بدورها المحوري في تطوير التعليم الطبي وتعزيز البحث العلمي والنهوض بالتدريب السريري بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية في بناء منظومة صحية مبتكرة ومستقلة. وأكد أن التحول إلى الإنتاج المحلي للمنتجات الطبية لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة مطلقة. لضمان الأمن الصحي والاقتصادي.
وأكد الوزير أهمية هذا المؤتمر كمنصة علمية تفتح فرص التعاون بين المؤسسات التعليمية والبحثية من جهة والصناعة من جهة أخرى، بما يسهم في تسريع توطين القطاع الطبي وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يسهم في زيادة الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد الوطني. وأكد أيضاً على استمرار دعم مستشفيات قصر العيني باعتبارها مؤسسة تعليمية وعلاجية رائدة تساهم بشكل فعال في تقديم الخدمات للمجتمع وخاصة في القطاع الصحي.
وأشاد الدكتور أيمن عاشور بانطلاق البرنامج التدريبي بجامعة قصر العيني، ووصفه بأنه نموذج ناجح للتكامل الأكاديمي الدولي، ومساهمة مهمة في تطوير منظومة التعليم الطبي. وأوضح أن هذه الجهود تهدف إلى تعزيز الرؤية الوطنية لتحديث التعليم العالي والبحث العلمي من خلال دعم الجامعات في انتقالها إلى الجيل الخامس وتحسين قدرتها على الابتكار والتنافسية.
وأشار الوزير إلى أن ما نشهده اليوم يعكس بوضوح مدى التطور الذي شهدته مستشفيات قصر العيني، سواء من حيث البنية التحتية الحديثة أو إدخال التقنيات الذكية، وخاصة الروبوت الجراحي، والذي يمثل نقلة نوعية في الرعاية الطبية ويجسد تقدم مصر في التطبيقات الطبية الحديثة. كما ذكر اختراع الأربطة المطاطية لعلاج السمنة، وهو تطور واعد في مجال الجراحة. وأشار إلى أن كلية الطب بجامعة القاهرة أخرجت العديد من الأطباء الأكفاء الذين نشروا الرسالة الطبية في مصر وخارجها، وأن مستشفياتها تقدم الرعاية الطبية والعلاجية لملايين المرضى سنويا.
وأبرز الوزير عدداً من الإنجازات البارزة التي يحققها القطاع الطبي في الجامعات المصرية، والتي تساهم في ترسيخ مكانة مصر على خريطة التعليم العالي عالمياً. وأدرج تصنيف شنغهاي الدولي 13 جامعة مصرية في مجال العلوم الصيدلية، وجاءت جامعة القاهرة في المركز ما بين 151 و200 على مستوى العالم. أدرج تصنيف التايمز البريطاني للتعليم العالي 2025، 23 جامعة مصرية في مجالات الطب والصحة العامة، حيث جاءت جامعة القاهرة في مرتبة تتراوح بين 201 و400 على مستوى العالم. وبحسب تصنيف QS 2024، جاءت ست جامعات مصرية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم في مجال الطب. حققت جامعة القاهرة أعلى تصنيف عالمي بحصولها على المركز 179، وهو ما يعكس ريادتها التاريخية ودورها المركزي في دعم منظومة التعليم والبحث الطبي في مصر والمنطقة.
كما سلط الوزير الضوء على أحد أبرز إنجازات مصر في مجال البحث العلمي، ألا وهو القطاع الطبي، أحد أهم القطاعات وأكثرها تأثيراً على مستوى العالم. وبحسب قاعدة بيانات سيفيل، ساهم القطاع الطبي في مصر بنسبة 23.4% من إجمالي المنشورات العلمية بين عامي 2021 و2024، محتلاً المرتبة الأولى بين مختلف التخصصات العلمية. ويعكس هذا التقدم الكبير في الأبحاث الطبية والتثقيف الصحي والخدمة الاجتماعية. ولعبت كلية الطب بجامعة القاهرة دوراً بارزاً في هذا النجاح، حيث ساهمت بنحو 9 آلاف بحث علمي خلال السنوات الثلاث الماضية.
وفي ختام كلمته أعرب الدكتور أيمن عاشور عن أمله في نجاح المؤتمر. وأعرب عن أمله في المشاركة الفاعلة في الجلسات العلمية وتبادل المعرفة والخبرات والمشاركة في حوار بناء يفضي إلى حلول طبية مبتكرة تعزز قدراتنا الوطنية وتساهم في تحقيق السيادة الصحية وبناء منظومة طبية أكثر تقدماً.
أشار الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة إلى تاريخ كلية طب قصر العيني باعتبارها أقدم مستشفى جامعي والدور الذي لعبته منذ إنشائها. وأكد أن خطة الجامعة تراعي تحقيق أهداف الدولة المصرية فيما يتعلق بالتنمية المستدامة ودعم الابتكار والبحث العلمي ومراعاة التطورات العالمية. وأشاد بدعم الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسي واستثماراتهم في تنمية المجتمع المصري. وأشار إلى أن هذا المؤتمر يعكس إيمان الجامعة بدور الابتكار في تطوير القطاع الطبي. وأضاف أننا نعول على شباب وعقول قصر العيني، وإرادتهم وقدرتهم على الجمع بين العلم والتطبيق، انطلاقاً من الإرث العظيم لجامعة القاهرة كجسر بين الماضي المجيد والمستقبل. وأعرب عن أمله في أن تخدم توصيات المؤتمر أهداف التنمية المستدامة للدولة المصرية.
واستعرض رئيس الجامعة جهود الجامعة في تعزيز الابتكار، ومن بينها إنشاء شركة تعزيز الابتكار وهي الأولى من نوعها. تم تقديم 135 فكرة مختلفة، بما في ذلك بعض الأفكار من كلية الطب. وأكد أيضاً على تعاون الجامعة مع الصناعة والأعمال لترجمة هذه الأفكار إلى ابتكارات تطبيقية، انطلاقاً من الإيمان بدعم البحوث التطبيقية. وأشار إلى إصدار جامعة القاهرة لسياسة الملكية الفكرية، وإنشاء مكتب حماية حقوق الملكية الفكرية، وإطلاق استراتيجية جامعة القاهرة للذكاء الاصطناعي لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أشار إلى دعم الجامعة لتدريب المعلمين في مجالات الذكاء الاصطناعي والبحوث التطبيقية، فضلاً عن توسيع انخراط الجامعة في المشاركة المجتمعية من خلال العديد من المشاريع في إطار مبادرة “التحالف والتنمية”.
من جانبه أوضح الدكتور حسام صلاح عميد كلية الطب رئيس مجلس إدارة المستشفيات ورئيس المؤتمر أن قصر العيني ليس مجرد مبنى، بل هو منشأة طبية عريقة قدمت خدماتها العلاجية على مر الزمن. وأشار إلى أن الجامعة تدعم البحث العلمي والمشاريع الابتكارية المعتمدة على التقنيات الحديثة لتمكين الطلبة من اكتساب المهارات والمعارف والخبرات المرتبطة بشكل وثيق بالابتكار. وتناول التحديات التي تواجه إدارة التعليم الطبي، وأبرز الشراكات الرئيسية مع الجامعات العالمية المرموقة، وتوفير برامج دراسية حديثة، وإنشاء برنامج طبي باللغة الفرنسية اعتباراً من العام الدراسي المقبل 2025/2026 لتعزيز دور مصر القيادي في القارة الأفريقية. كما اطلع على التجهيزات ورفع كفاءة مستشفيات جامعة القاهرة لتحسين الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين. كما استعرض الإنجازات العلمية للكلية خلال الفترة الماضية وأهم الأنشطة التدريبية للطلبة والباحثين لتطوير مهاراتهم والتغييرات في لوائح الدراسة لمواكبة التطورات الحديثة في مجال الطب.
جدير بالذكر أن المؤتمر العلمي السنوي لكلية طب قصر العيني يوفر منصة تفاعلية لبحث التحديات واستكشاف الفرص في بناء منظومة طبية حديثة تعتمد على البحث العلمي والتطوير. ويشارك في المؤتمر نخبة من الأساتذة والأطباء والخبراء المحليين والدوليين بهدف تبادل الأفكار والاقتراحات حول مستقبل الطب وتطوراته واستعراض أحدث التوجهات العلمية والتكنولوجية.
يهدف المؤتمر إلى تعزيز البحوث التطبيقية وتسليط الضوء على تكامل المعرفة الأكاديمية والابتكار التكنولوجي. ويهدف المشروع إلى المساهمة في دعم الإنتاج المحلي للأدوية والأجهزة الطبية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الصحي. ويناقش المؤتمر أيضًا الابتكارات في التعليم والتدريب الطبي، وتطوير الرعاية الصحية من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار في الطب والصحة العامة، والمشاركة المدنية في عصر الابتكار.
وعقدت على هامش المؤتمر عدة ورش عمل تحضيرية تناولت أحدث تقنيات التصوير الطبي، والابتكارات في الجراحة بالمنظار والروبوتية، وممارسات إدارة العدوى الحديثة، والتعليم الطبي ودعم البحث العلمي، فضلاً عن التدخلات الدقيقة في مجالات طب الأعصاب، وطب الأطفال، وطب الطوارئ، والصحة العامة.
وعلى هامش المؤتمر تم تكريم الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، إلى جانب نخبة من رواد المجال الطبي وعدد من نخبة الأطباء والعلماء الذين لعبوا دورا بارزا في الارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية في مصر.