السلطات الجزائرية تبادر باتخاذ إجراءات للحد من ظاهرة العنف في الملاعب

أسفر اجتماع طارئ للاتحادية الجزائرية لكرة القدم مع رؤساء الأندية وممثلي الحماية المدنية والشرطة وقوات الأمن عن سلسلة من المقترحات تهدف إلى احتواء موجة العنف المتزايدة في الملاعب الجزائرية.
وفي اجتماع مغلق ترأسه وزير الرياضة وليد السعدي الثلاثاء واستمر أكثر من خمس ساعات، اقترح المشاركون منع الجماهير من مغادرة قواعدها خلال الجولة المقبلة كإجراء احترازي لتقليل المواجهات بين الجماهير.
وتم التأكيد أيضًا على ضرورة تجنب اللغة العنيفة والكراهية والتوقف عن إطلاق التصريحات التحريضية كما هو الحال مع بعض الأندية.
وتأتي هذه الإجراءات في أعقاب أعمال عنف اندلعت بين أنصار مولودية الجزائر وأهالي منطقة بن سرور بولاية المسيلة جنوب البلاد مساء السبت والأحد الماضيين.
أظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي إحراق حافلتين تقلان مشجعين بعد مباراة فريقهم مع اتحاد بسكرة في الجولة 23 من الدوري، بسبب أعمال شغب اندلعت بعد عودة نادي مولودية الجزائر من رحلة إلى بسكرة.
وفي تصريح صحفي، أوضح الأمين العام للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، نذير بوزناد، أن الاجتماع انتهى بعدة مقترحات، أبرزها مقترح منع سفر الجماهير الوافدة.
وقال المتحدث إن المقترح سيتم عرضه على مكتب التحقيقات الفيدرالي في اجتماعه يوم 30 من الشهر الجاري بهدف صياغة تعميم قانوني يحدد آليات التنفيذ.
من جانبه، اعتبر رئيس نادي شباب الساورة ميرات بلخضر أن منع السفر قاسي على الجماهير، لكنه أعرب عن أمله في أن يتقبله المشجعون بروح رياضية، بما يضمن تنظيما أفضل للرحلة، ويمنع أي اضطرابات.
وقال بلخضر في تصريح صحفي إن الجزائر استثمرت في بناء ملاعب كبرى في السنوات الأخيرة لتطوير كرة القدم، وهو ما يتطلب بدوره بيئة جماهيرية آمنة ومحترمة.
حل مؤقت
وفي تعليقه على القرار، قال الصحافي والناقد الرياضي رفيق وحيد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن العنف في ملاعب «الأوسط» تجاوز الحلول الإدارية، مضيفاً أن كل الإجراءات، بما في ذلك الحملات التوعوية والغرامات ولعب المباريات بدون جماهير، لم تحقق النتائج المرجوة.
وأكد أن المشكلة لا تُحل بالحلول، لأنها تتعلق بالبعد الاجتماعي والثقافي. ويعتقد أن هناك فئة من الشباب ميالة للعنف نتيجة شعورهم بالحصانة الظاهرية، في ظل غياب عقوبات واضحة ووقائية.
وقال متحدث باسم الاتحاد إن قرار منع الجماهير من السفر خلال الجولات الست الأخيرة هو حل مؤقت فرضته الظروف الخطيرة على الأرض لمنع الحوادث. ومع ذلك، فإن هذا يعد اعترافا واضحا بأن الوضع أصبح خارجا عن السيطرة.
وأظهر رفيق وحيد أن دور اللجان الداعمة يتضاءل، وجعل الوضع أكثر صعوبة من خلال الصدام العلني مع رغبة مجموعات الألتراس في فرض منطق الدعم الخاص بها.
وقال رفيق وحيد إن بعض مسؤولي النادي يزيدون من التوتر بكلماتهم الغاضبة وانتقاداتهم المتكررة لمنظمات كرة القدم.
وسلط المتحدث الضوء على دور الحكام، وقال إن الأخطاء الجسيمة التي تؤثر على نتيجة المباراة “تساهم بدورها في غضب الجماهير وزيادة العنف”.
تنبيهات وسائل الإعلام الرياضية
وفي هذا الصدد، عززت هيئة تعديل السمعي البصري موقفها تجاه القناة الرياضية “الهدف” بسبب “التجاوزات المهنية المتكررة” في برنامجي “بالمكشوف” (17 أبريل/نيسان) و”حرب الهدف” (15 أبريل/نيسان 2025).
وأكد البيان الرسمي أن أحد المحللين في كل برنامج خرج عن قواعد الحياد والموضوعية، وهو ما يتعارض مع أحكام القانون العضوي رقم 3 المتعلق بالإعلام، والقانون رقم 3 المنظم للنشاط السمعي البصري، والمرسوم التنفيذي رقم 24 الذي يحدد الخصائص العامة لخدمات الاتصال السمعي البصري.
وأوضحت الهيئة أن “الإعلام الرياضي يجب أن يكون أداة لخلق ثقافة المنافسة العادلة، وليس وسيلة لإثارة المشاعر أو خلق الشكوك”، داعية إلى آليات فعالة للرقابة الذاتية والرقابة على المحللين لضمان محتوى متوازن يحترم قيم وروح الرياضة.
قررت هيئة ضبط السمعي البصري إيقاف برنامج رياضي على قناة النهار لمدة 21 يوما بعد أن استخدم أحد الضيوف ألفاظا عنصرية صارخة، بحسب بيان صدر عنها الاثنين.
وأوضح المصدر ذاته أن السلطات استعملت في برنامج “ملعب النهار” الذي بث على قناة النهار يوم 19 أبريل/نيسان الماضي، خطابا لأحد ضيوف البرنامج، مخالفة بذلك المادة 23-14 من القانون العضوي المتعلق بالإعلام، والقانون رقم 23-20 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، والقانون رقم 24-250، الذي يعكس المرسوم التنفيذي رقم 24-250.
وأضافت الهيئة أن هذا الخطاب “يتعارض مع أحكام القانون رقم 20-05 لسنة 2020 المتعلق بمكافحة خطاب الكراهية، والذي يحرض على التمييز أو الكراهية على أساس الجنس أو الدين أو العرق، ويخول الجهات المختصة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين”.
وفي هذا الصدد، قال إن “القناة كغيرها من القنوات يجب أن تلتزم بمعايير الموضوعية في البرامج الرياضية، وأن تكون خالية من أي خطاب يمس كرامة الإنسان، وأن تبتعد عن الكراهية والتمييز العنصري”.
وأضاف أن “وسائل الإعلام الرياضية يجب أن تتحمل مسؤوليتها أيضا في منع هذه الحوادث من خلال رفض الخطاب التحريضي، ورفض كل ما من شأنه أن يسبب سوء تفاهم بين الجماهير، والتأكيد على قيم التسامح والروح الرياضية”.
نائب يطالب بالتحقيق
وفي خطوة لافتة، وجّه عضو مجلس النواب عمر مشري رسالة إلى وزير الاتصال، طالبه فيها بالتأكد من التزام المعلقين والمحللين الرياضيين بالحياد عند التعليق على مباريات الدوري الجزائري.
وقال النائب إن بعض المعلقين لا يعبرون عن آرائهم الشخصية فحسب، بل يخرجون في بعض الأحيان عن طريقهم لتهميش مجموعات معينة بشكل مباشر، مما يخلق شعوراً بالإقصاء من المجتمع في مناطق معينة. ورأى أن مثل هذه الخطوة تقوض مبدأ الحيادية وتعزز الجهوية غير المقبولة والتي تتعارض مع أهداف الإعلام الوطني الموحد والمبادئ الدستورية التي تدعو إلى المساواة.
ودعا النائب إلى إعداد قانون صحافة شفاف يتطلب الحياد ويدعم الحوار الوطني الشامل.
ودعا النائب إلى تدريب وتطوير المعلقين والمحللين من مختلف أنحاء البلاد لخلق تمثيل متوازن يعزز ثقة الجمهور، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تأديبية صارمة ضد كل من يثبت تورطه في الاستفزاز أو التحيز الإقليمي.
وأكد النائب في رسالته على أهمية حل القضية في أسرع وقت ممكن، وحماية الوحدة الوطنية، وتعزيز سمعة وسائل الإعلام.
يذكر أن اجتماع رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم مع رؤساء الأندية جاء بعد 24 ساعة من اجتماعه مع حكام البطولة، بهدف تحسين الوضع التحكيمي ووضع حد للأخطاء التحكيمية الجسيمة التي تعد أحد أسباب أعمال الشغب.
ومن المتوقع أن تتجه الأنظار إلى نتائج اجتماع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي في وقت لاحق من الشهر الجاري، وسط تساؤلات حول جهود الجزائر للحد من العنف المتزايد في ملاعبها والحفاظ على أجواء تنافسية تتسم بالروح الرياضية.