عودة ترامب وسقوط بشار الأسد.. تغيرات في الخريطة السياسية العالمية خلال 2024
بعد أيام قليلة سنغادر عام 2024 الذي شهد أحداثاً مهمة غيرت المشهد السياسي والخريطة في مختلف دول ومناطق العالم، ومن المتوقع أن يستمر تأثير هذه التغييرات لسنوات طويلة قادمة.
عودة ترامب
ومن أبرز الأحداث هذا العام الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باعتبارها المحطة الأخيرة في سباق ماراثوني نحو البيت الأبيض امتد قرابة عامين وانتهت بفوز نائب الرئيس السابق دونالد ترامب هاريس.
أهدر الرئيس الحالي جو بايدن فرصة مضاعفة ولايته الرئاسية، التي تميزت بإخفاقات عديدة في حملة إعادة انتخابه أحبطت العديد من الأصوات البارزة داخل الحزب الديمقراطي، خاصة بعد أدائه الضعيف في المناظرة الوحيدة بينه وبين منافسه ترامب.
ومن أبرز الأصوات التي تطالب بايدن بالانسحاب من الحملة الرئيس السابق باراك أوباما الذي يعتبر مقرباً منه جداً. واختار أوباما بايدن شريكا له في فترة توليه منصب نائب الرئيس في انتخابات 2008 و2012.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن أوباما أبلغ حلفاءه في الأيام الأخيرة أن طريق الرئيس جو بايدن للفوز في الانتخابات المقبلة ضاقت بشكل حاد، وأنه يعتقد أن بايدن يدرس جديا إمكانية التفكير في ترشحه.
واستجاب بايدن لهذه الدعوات وقرر ترك العملية الانتخابية نهاية يوليو/تموز المقبل. ودعا نائبته كامالا هاريس إلى إنهاء السباق في المراحل النهائية وتحسين فرص الديمقراطيين في البقاء في البيت الأبيض.
وخاضت هاريس حملة صعبة للغاية لنحو ثلاثة أشهر مهمتها تصحيح ما فشل رئيسها بايدن في فعله، وبدت أرقام استطلاعات الرأي متأرجحة بين المتنافسين، إذ أنهما متقاربان للغاية ومترددان بشأن كليهما.
وجاءت ليلة الانتخابات الساخنة، ففي اليوم التالي أعلن ترامب أنه تمكن من تأمين النسبة التي تضمن فوزه في الانتخابات الرئاسية (270 صوتا في المجمع الانتخابي) وأنه على وشك تحقيق فوز تاريخي أكبر من ذلك. الذي فاز به على هيلاري كلينتون في عام 2016.
أشارت أصابع الاتهام في كل الاتجاهات، لكن هاريس لم يكن محور الانتقادات. ويعتبر البعض أن حملتها مقبولة إلى حد ما قبل يوم الانتخابات المخيب للآمال. وبدلا من ذلك، تم توجيه اللوم إلى الرئيس جو بايدن، الذي أصر على الترشح رغم التدهور الواضح في صحته، وهو ما يقول بعض الديمقراطيين إنه أدى إلى هذه الخسارة الفادحة.
وقال ديفيد أكسلرود، الخبير الاستراتيجي السابق لحملة باراك أوباما: “ربما كان الأمر مختلفاً لو اتخذ بايدن القرار في الوقت المناسب بالانسحاب والسماح للحزب بالتقدم”.
ومع تزايد حجم الهزيمة، أصبح فشل هاريس موضع تركيز أكبر. ولم تخسر الولايات المتأرجحة فحسب، بل وأيضاً الأراضي في الولايات الزرقاء التي اعتبرها الديمقراطيون معقلاً لهم، مثل رود آيلاند، حيث ضاقت الفجوة الديمقراطية الواسعة بوضوح في انتخاب أوباما. وعلى الرغم من فوز بايدن بنسبة 57% من أصوات النساء، إلا أن هاريس حصلت على 54% فقط. وكانت الأرقام أسوأ بين فئات العمال والأقليات، حيث حصلت على 65% فقط من أصوات الناخبين الملونين، مقابل 71% لبايدن.
وقال النائب الديمقراطي عن نيويورك توم سووزي: “بدلاً من القول: “كيف يمكن للناس التصويت لصالح دونالد ترامب”، ينبغي صياغة السؤال على النحو التالي: “لماذا يجب على الناس التصويت لصالح دونالد ترامب؟” ما الذي فعله بشكل صحيح وما الخطأ الذي ارتكبناه؟
بايدن: المتهم الأول
كما أصدر السناتور المستقل بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت بيانا لاذعا، قائلا إن الحزب الديمقراطي “خذل الطبقة العاملة، وقد خذلوها”. وتساءل ساندرز عما إذا كان أصحاب المصالح المالية الكبيرة والمستشارين ذوي الأجور المرتفعة الذين يسيطرون على الحزب الديمقراطي سيتعلمون درسا حقيقيا من هذه الحملة الكارثية، بحسب موقع روسيا اليوم.
كما انتقد عدد من أعضاء الكونجرس التقدميين الآخرين، مثل النائبين جمال بومان، الديمقراطي من نيويورك، ورو خانا من كاليفورنيا، الحزب بسبب أدائه، حيث قال بومان: “كان هناك الكثير من الأخطاء”.
* سقوط الأسد.. نهاية نصف قرن من حكم البعث
أحد الأحداث الحاسمة هذا العام كان التأكيد على أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد قد غادر العاصمة دمشق بعد أن تحركت المعارضة المسلحة على بعد خطوات قليلة منها. فهرب إلى موسكو منهيا حكمه الذي دام أكثر من نصف قرن. وحكمت عائلته الدولة السورية. وخلف والده حافظ الأسد الذي قاد حزب البعث في فترة حكم استمرت ثلاثين عاماً اتسمت بالكثير من التجاوزات.
سقط بشار الأسد بشكل غير متوقع، بعد ما يقرب من 14 عامًا من اندلاع الغضب والانتفاضة الشعبية التي طالبته بالاستقالة من منصبه. وقاتل مع القوات الأمنية وبمساعدة الحلفاء الإقليميين والدوليين (روسيا وإيران)، ما عمّق الأزمة وأدخل الدولة السورية في نفق القتال والحرب الأهلية وتهجير الملايين.
وشملت المشاهد البارزة خروج ملايين السوريين إلى الشوارع للاحتفال، وإسقاط وتدمير تماثيل عائلة الأسد حافظ وولديه باسل وبشار.
وبحسب صحيفة المدن، فإن أول تمثال لحافظ الأسد في سوريا أقيم عام 1984 في مكتبة الأسد بالعاصمة دمشق، على غرار تماثيل الرئيس الكوري الشمالي السابق كيم إيل سونغ.
ومع مرور الوقت، كثرت تماثيل حافظ، وتكررت بنفس الأسلوب، إلى درجة انتشار قوالب جاهزة لصناعتها دون أي تفاصيل، وكأنها نسخ ضخمة.