السنوار ونصر الله وهنية.. قادة بالمقاومة طالتهم يد الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2024
أيام قليلة ونودع عام 2024 الذي شهد اشتعال ساحات القتال والحروب في منطقة الشرق الأوسط مع استمرار عدوان دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة وتورطها في مئات المجازر والانتهاكات غير المسبوقة للأعراف الإنسانية والقوانين الدولية والاتفاقيات.
ووسع الاحتلال الإسرائيلي جبهات عدوانه وأضاف جبهة لبنان التي بدأ في البداية باختراقها وتفجير أجهزة النداء.
وتلا ذلك عشرات الغارات الجوية على مدى ما يقرب من ثلاثة أشهر، خلفت نحو 4000 شهيد ومئات الجرحى وتدمير قرى ومناطق في جنوب لبنان.
ويعتبر العام الذي شارف على الانتهاء نقطة تحول في تاريخ المقاومة، خسرت فيه عددا من كبار قادتها التاريخيين، أبرزهم الشهيد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة. حماس، وحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، والشهيد إسماعيل هنية رئيس مكتب حركة المقاومة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق.
– استشهاد السنوار: مشهد أيقوني في ذكرى المعركة
وفي 17 أكتوبر 2024، استشهد يحيى السنوار خلال اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة تل السلطان برفح جنوب قطاع غزة.
وكان استشهاد السنوار في ساحة المعركة ضربة قوية للرواية الإسرائيلية القائلة إنه اختبأ في أحد أنفاق غزة وحاصره أسرى إسرائيليون واستخدمهم دروعا بشرية لحمايته. وكان هدفها العرضي وغير المعلن تأكيد أنباء عن فشل مخابرات الاحتلال في الوصول إلى مهندس عملية فيضان الأقصى منذ عام كامل.
ووصفت مجلة الإيكونوميست البريطانية يحيى السنوار بأنه الرجل الأكثر تأثيرا في الأراضي الفلسطينية. ويعتبر السنوار من المؤسسين الأوائل لحركة حماس، ولعب دورا رئيسيا في تأسيس جهازها الأمني المسمى “مجد”.
وكانت اتفاقية تبادل الأسرى لعام 2011 نقطة تحول في حياته المهنية، حيث لعب دورًا حاسمًا عندما تفاوضت إسرائيل وحماس على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل أكثر من 1000 أسير فلسطيني.
وبعد إطلاق سراحه، أصبح السنوار قيادياً بارزاً في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، واستخدم خبرته التي اكتسبها خلال السنوات التي قضاها في السجون الإسرائيلية لزيادة نفوذه بين أعضاء الحركة وتعزيز قوتها. القيادة العسكرية، مما منحه مكانة رفيعة في صفوفهم.
وصورت وسائل الإعلام والقادة الأمنيون والسياسيون الإسرائيليون السنوار على أنه أحد أخطر قادة حماس وأكثرهم تطرفا. ويوصف بأنه “الصقر” الصارم الذي يتحكم في قرارات حماس العسكرية ويتخذ وحده قرار إطلاق الصواريخ والعمل العسكري المباشر ضد إسرائيل.
كما تم وصف السنوار بأنه العقل المدبر للتصعيد المستمر بين حماس وإسرائيل، مع التركيز بشكل خاص على دوره في التخطيط للعمليات الكبرى.
وتحدثت عن تجارب يحيى السنوار في سجون الاحتلال، مشيرة إلى أنه كان قياديا مؤثرا بين الأسرى الفلسطينيين خلال فترة وجوده في السجن لأكثر من 22 عاما. خلال هذه الفترة، استغل السنوار وقته في تعلم اللغة العبرية وقراءة الأدب الإسرائيلي بهدف فهم العقلية الإسرائيلية.
كما كان له دور مهم في تنظيم حياة الأسرى في السجون حيث قاد عدة إضرابات لتحسين أوضاعهم ويعتبر من قادة أسرى حركة حماس.
ووصف مايكل كوبي، رئيس التحقيقات السابق في جهاز الشين بيت الإسرائيلي، يحيى السنوار قائلاً: “كانت لديه عينان قاتلتان… أخبرني أنه يفضل الموت شهيداً على أن يتكلم”.
وأكد المسؤول الإسرائيلي الذي حقق مع السنوار لفترة طويلة، أنه تحدث خلال التحقيق بلهجة متسلطة ولم يظهر أي خوف، بل كان يتحدى المحققين باستمرار.
وقال كوبي: “خلال التحقيق معه، كان لدي شعور بأنني أتعامل مع شخص غير عادي، شخص يتمتع بشخصية قوية وذكاء عالي وثقة بالنفس في كل ما يقوله ويفعله”.
وأضاف أن السنوار قال له خلال التحقيق: “يومًا ما سأكون في السلطة وستمثل أمامي كمتهم للتحقيق معك”.
واعترف المسؤول الإسرائيلي بأنه شعر بالخوف عندما سمع تلك الكلمات، قائلا: “أنا خائف الآن لأن الأمر لم يعد بعيدا عن الواقع”.
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أنه لو كان يعيش في مستوطنات قطاع غزة وقت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكان موجودا في أحد الأنفاق في قطاع غزة ويواجه هذا الرجل بعينين حمراء.
وتابع: “على حد علمي السنوار، فهو شخص لا يعرف الخوف. أخبرني أثناء التحقيق أنني سأقتل جميع ضباط المخابرات. أدرك أنه كان يمارس نوعا من الحرب النفسية، لكنه وقف أمامها ونشتم ونهدد دون ذرة خوف.
-حسن نصرالله
وفي 27 سبتمبر/أيلول، توفي الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله عندما كان ضحية غارة إسرائيلية عنيفة في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
لقد شكل استشهاد نصر الله قصة ما يقرب من ثلاثة عقود من قيادة حزب الله اللبناني وقيادته، حيث كان يتمتع بالكاريزما والنفوذ الكبير الذي امتد عبر الشارع العربي بأكمله. وفي أعقاب حرب 2006، انتشرت أغنية تقول: «أهلاً يا صقر لبنان، أهلاً بحسن نصر الله الإرهاب في قلوب الإسرائيليين بقوله: «صواريخكم في إسرائيل، جيل تلو الآخر يتحدث عنها، والكاتيوشا أكبر دليل على رعب الصهيونية”.
ونعى حزب الله وفاته في بيان: “انضم نصر الله إلى رفاقه الشهداء العظام الخالدين، الذين قاد مسيرتهم على مدى نحو ثلاثين عاماً، قادهم خلالها من نصر إلى نصر وخلف سيد الشهداء في المقاومة الإسلامية عام 1992”. حتى تحرير لبنان عام 2000 وحتى النصر الإلهي الدائم عام 2006 و إلى كل نضالات الشرف والفداء، إلى نضال الدعم والبطولة لنصرة فلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم.
– اسماعيل هنية.. مستهدف في طهران
وسبقهم أواخر يوليو/تموز الماضي، الشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، الذي استشهد في هجوم على مقر للمحاربين القدامى شمالي طهران بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان. .
وأثار مقتل هنية ردود فعل واسعة إقليميا ودوليا، حيث أعلنت إيران الحداد ثلاثة أيام، وأدانت العديد من الدول والمنظمات العملية، معتبرة أنها تصعيد خطير في المنطقة.
وأقيمت له مراسم العزاء في العاصمة الإيرانية، حيث أم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي صلاة الجنازة في جامعة طهران، بحضور حشد كبير من المشيعين الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية وصور هنية.
وشيّع جثمان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، خلال مراسم رسمية وجماهيرية في العاصمة القطرية الدوحة، الجمعة 2 أغسطس 2024. وأقيمت صلاة الجنازة في مسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعدد من الشخصيات الرسمية والدبلوماسية.
وأقيمت المراسم بمشاركة كبيرة من الأهالي حيث توافد المصلون منذ الصباح الباكر لأداء صلاة الجنازة. وبعد الصلاة، تم نقل الجثمان إلى مقبرة الإمام المؤسس لدفنه.
-فؤاد شكر
وقبل ساعات من مقتل هنية، أعلن الاحتلال الإسرائيلي أنه تخلص من أحد أبرز قادة المقاومة اللبنانية، فؤاد شكر، الذي وصفته صحيفة الإندبندنت البريطانية بالصديق الموثوق للأمين العام لحزب الله. حسن نصر الله، الذي كان له دور فعال في تطوير الترسانة الصاروخية التي جعلت من حزب الله أفضل ميليشيا مسلحة في العالم.
وأضافت الصحيفة: “رغم أن شكر كان من أبرز الشخصيات في تاريخ حزب الله، إلا أنه اختار حياة الغموض، ولم يظهر إلا في مناسبات محدودة جمعته بدائرة قريبة من المحاربين القدامى الموثوق بهم داخل حزب الله”.