لطفى بوشناق: الفن هو الجسرتوحيد الصفوف والشعوب

منذ 1 شهر
لطفى بوشناق: الفن هو الجسرتوحيد الصفوف والشعوب

وتتألق أضواء الأوبرا مع العديد من النجوم من كافة أنحاء الوطن العربي. ويجمع المسرح نجوماً مختلفين، يجمعهم الأصالة والرصانة والإخلاص، ومنهم النجم القوي لطفي بوشناق، الذي يكرّمه المهرجان في دورته الـ32 بفنه الأصيل الجميل الذي يعرفه العرب من محيط إلى آخر. عندما يغني يفرح، وعندما يتكلم يعرف عن نفسه بأنه مواطن، وكل الدول العربية أوطانه، وفنه هو انعكاس للمآسي والخيبات والأحلام والثورات التي عاشها العرب وما زالوا. تجربة أغنية “خذ الأرباح والمناصب.. ولكن دعني وشأني.”

وأمتع “بوشناق” الجمهور في مهرجان الموسيقى العربية بأغنية أعدها لسيد درويش، الذي يعتقد أنه صاحب مدرسة تخرج منها كل النجوم.

في كلماتها: “لقد أحببت وأحببت. وركضت وتمنيت أن تحيا روحي. في كلماتي هناك تعطش للفن مثل الأجنحة للريش. أين أنت يا عبد الحي سلامة أين أنت؟ أنت يا سيد سيد درويش؟

وعن تكريمه في المهرجان واختياره للأغاني ودوره الوطني الذي يعتبر الفن فيه السلاح الذي يقف به أمام العالم، حاورناه فقال:

<في البداية سألته: كيف حصلت على تكريمك في مهرجان الموسيقى العربية؟

– اختياري وتكريمي لدورة تحمل اسم سيد درويش شرف كبير لي، وهذا التكريم يعزز ثقتي بنفسي، وشرف لي أن آتي من مؤسسة لها تاريخ مثل دار الأوبرا المصرية، وهو احتفال بأهميته، إذ كان له دور كبير في انتشاري في الوطن العربي، وهو وسام وشرف في تاريخي، أتمنى أن أكون دائما عند حسن ظنكم.

< كيف ترى إهداء الدورة الحالية لروح الموسيقار سيد درويش؟

– هذا الفنان الكبير، سجل اسمه بالذهب في تاريخ الأغنية العربية، وتعلمنا منه، وتتلمذ عليه آلاف الفنانين في الوطن العربي. ولهذا قدمت له أغنية من كلمات الشاعر التونسي آدم فتحي وفي محتواها رسالة مهمة جداً: يجب أن نقلد أساتذتنا. نحافظ على الهوية العربية وإيقاعاتها والقوالب العربية الأصيلة، لأن سيد درويش رمز من رموز تاريخ الأمة العربية في الموسيقى.

< كيف ترى دور مهرجان الموسيقى العربية في الحفاظ على التراث الثقافي؟

– وهو المهرجان الوحيد الذي ما زال يحاول الحفاظ على الهوية العربية ونكهة الغناء العربي بأغاني الموسيقى العربية الأصيلة وأدوارها وأشكالها. وقيادته تشهد على الجهود التاريخية الكبيرة للحفاظ على ترسيخ الهوية العربية. وتحية لكل الرؤساء الذين تولوا مسؤولياتهم بقيادة المرحومة رتيبة الحفني.

<لماذا تتراجع حفلاتك في مصر؟

– مصر مدعوة على كافة مستويات الأمة العربية، وفي كل مرة أدعو فيها إلى مصر، لا أنكر أن دار الأوبرا المصرية كانت تعني لي شيئاً، وهذه نقطة تحول مهمة في تاريخي، وهي تلعب دوراً دورها في الحفاظ على الهوية العربية. إن الفنون بشكل عام بما فيها الرقص والدراما من أهم ما بقي في أيدي العرب لإيصال رسالة التوفيق لكل من يخدم مستقبل هذه الأمة من خلال الفن والثقافة. نحن نطالب دائما بالحفاظ على الهوية العربية من خلال الأشكال الغنائية القديمة.

< كيف ترى دور الفن في التقريب بين الناس؟

– الفن هو اللغة المشتركة بين الجميع، فهو يجمع السعودية ومصر والكويت والغرب في لحن واحد وكلمة واحدة. الفن هو السحر الذي يجذب المستمع، فهو يجمع الناس ويفهمه الجميع. وبغض النظر عن اختلافهم، فالدليل أن قراراتي ومبادئي كفنانة ناجحة، مع أنني أعتمد فقط على نجاحي في حفلاتي، وقد قدمت حفلات في كل دول العالم، بما في ذلك اليابان والهند وتركيا ومصر. والعراق والقدس وهنا كانت أصالتي الفنية وبحثي عن الكلمة الطيبة واللحن المميز سبباً في تنقلي بين كل هذه البلدان. ولذلك فإن الفن هو الطائر الذي يسبح في سماء العالم ولا يتوقف.

الفن هو الجسر الذي يوحد الصفوف ويوحد الشعوب. ولهذا أشعر دائمًا بالفخر للمشاركة في المهرجانات المصرية، وأن مهرجان الموسيقى العربية يجمع كل أنحاء العالم، ليكون فوق الجميع صوتًا واحدًا.

أنا فنان يعيش ليغني ولا يغني ليعيش. أريد أن أعيش مع فني بعد وفاتي.

<هكذا وصفت فنك. كيف ترى دور الفنان في المجتمع؟

دور الفنان أكبر من دور السياسي. هو يحمل الرسالة، سواء كان ملحناً أو شاعراً أو ممثلاً، أريد أن أحمل لقب فنان وأخاطب الناس بطريقة يفهمونها، لأن طبيعتي هي السلام.

< كيف ترى مستقبل الفن في ظل هذه التقلبات السياسية الخطيرة؟

– الوطن العربي برمته يعاني من تقلبات. من خلال أغنياتي السياسية العاطفية، أيقظ الحافز وأدعو إلى السلام. في كل أغنية كتبتها، لدي رؤية خاصة للنهوض بالمجتمع وتحدي كل الخيانات.

< في كل حفل تقدمه في بلد ما، تختار أغنية مختلفة لشعبه. لماذا؟

– وبما أن الوضع السياسي يختلف من بلد إلى آخر، وأشارت إلى أن الفن لا يمكن فصله عن السياسة، فإن أدائي لأغنية في القدس كان دما فلسطينيا خالصا، وفي مصر قدمت أغنية جديدة بعنوان “شعب واحد” للأقباط و مسلمون، وكان هادفا ويغني في حينه نظرا للتوترات في العراق والحرية في لبنان والثورة في الجزائر، وهو لا ينفصل عنه سياسيا. الفنان شاهد معاصر، والتاريخ يهتم بالأغاني لأنها تفاصيل الزمن الذي أدى فيه ومتى أحيي حفلاً. . في كل بلد أختاره، أعتمد على ما يميزني في ذلك البلد حتى يتذكرني الجمهور وأنجح هناك.

<تختار أغانيك بعناية شديدة، بين كلمات عنترة وأخرى لأحمد فؤاد نجم. على أي أساس تختارين أغانيك؟

– تنجذب إلى الكلمة القوية التي لها معنى كبير وعظيم. أحفظ القرآن وأحفظ جميع المعلقات ومعظم القصائد العربية. أحب قراءة القصائد القديمة التي لها إسقاطات على الواقع الحديث. أرى أن قصة حب عنترة وابن الرومي هي قمة الإيمان، والقصائد الجديدة التي تناسب أفكاري هي المسؤولة عن قراراته، وهم الذين يقومون بمسؤوليته أمام الله. عندما أشارك في مهرجان أو حفل موسيقي، لا أعزف أغاني قديمة لأم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم، بل أعزف أقدم أغاني لطفي بوشناق التي شكلته. العالم كله يعرفني من خلال حفلاتي وليس من خلال الألبومات والفيديو كليب.

<كما أن ألحانهم أكثر تميزًا. هل تبحث عن مستويات صعوبة اللحن؟

أبحث عن الأحاسيس لا الصعوبات، ولا يهمني صعوبة اللحن العربي، وقد قرأت 600 قصيدة لأبي مسلم البهلاني في بسم الله الجميل، وغنيت الأدوار والأغاني مع الأطفال، وقمت بأداء 30 أنشودة دينية وأغنية أخرى خيالية لجنين في الرحم وأغنية اجتماعية أخرى لمهن الخباز والمحامي والطبيب وغيرها من المهن. وهذا ما يهمني بشأن المشاعر.

< هل تستخدم بوعي الآلات الشرقية فقط؟

تنقلني آلة العود إلى عالم آخر ونحن مجتمع شرقي يستمتع ويشتهي الموسيقى الشرقية ويسمع كلمات تثيرني وأستخدمها للتفاعل مع الجمهور وإحساسهم يصل بي إلى درجة الإبداع.

< حققت العديد من الأغاني نجاحاً كبيراً على مستوى الدول العربية، إلا أن أغنية “اتخذوا مناصبكم” تظل الأكثر نجاحاً. لماذا؟

في كل أغنياتي الصدق هو شعاري الوحيد لأنه سر النجاح في كل شيء. كلمات الأغنية كانت وجعاً في قلب كل عربي شعر بها، وكل من يحمي وطنه ويحافظ عليه، وكل من يحمله، وكان الوضع السياسي أحد الأسباب الرئيسية لانتشارها إلى الآخرين صادفتها دعاية كبيرة: “خذوا المواقف، لكن اتركوا الوطن”. عندي أغاني أقوى منها كلاما ومعنى، لكنها لم تحظى بنفس الدعاية والاهتمام مثل هذه الأغنية، وأتمنى أن تنال إعجابها. هل بهذه الطريقة سيكون هناك دعاية قوية لكل أغنية.

 


شارك