«زلزال الضاحية».. ومصير حزب الله
«زلزال» ليلة 27 أيلول/سبتمبر من العام الماضي هو الذي أحدث شقوقاً وانهيارات لم تسمع أصداءها خارج المنطقة المستهدفة (معقل حزب الله) فحسب، بل أيضاً في نفوس من تبقى من القادة والأعضاء والمؤيدين. من الحزب.
إن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ليس ورقة يمكن طيها، ولا حدثاً يمكن تجاوزه. هذه العملية العسكرية الأعنف التي استهدفت “رئيس” القيادة المركزية وأدت إلى ما وصلت إليه: رغم ظهور نائب الأمين العام نعيم قاسم (لمعرفة ما يمكن فعله)، إلا أن أسئلة جدية أثيرت حول المستقبل من المؤكد أن غياب منظمة حزب الله عن أمينها العام أثار ضجة كبيرة، فهناك فراغ داخل الحزب أو في البيئة الناشئة، إضافة إلى أسئلة كثيرة تتعلق بولائه ومشروعه واستراتيجيته وإدارته العسكرية وسياساته. ودورها السياسي في الداخل، فهل ستستمر على نفس النهج والغطرسة؟ والسؤال الأخير: هل هذه نهاية حزب الله؟
جسد بلا رأس
اغتيال حسن نصر الله سبقته سلسلة هجمات دقيقة ومتتالية ضربت حزبه حتى النخاع، وليس من المبالغة القول إنها أصابته حد النزيف.
وبدأت الهجمات باغتيالات ممنهجة لقيادات رفيعة في نظامه، ثم تواصلت بتفجير موقع “البيجر” وتفجير مستودعات أسلحته وإحراق مراكزه ومعاقله في الضاحية الجنوبية لبيروت أو في جنوب لبنان. . لتصل العمليات إلى ذروتها باغتيال الأمين العام، وكأنها عملية حرق تاريخه وهويته.
واليوم، يخضع حزب الله للتدقيق على نطاق واسع. مهووسة بأخطر خرق أمني في تاريخها وهي بلا أدنى شك غير قادرة على مواجهة وحشية الحرب المستمرة، وقد لاحظت ردود أفعاله الضعيفة وبقيت دون أدنى شك يواجه مصيره بعد أن تخلى عنه حلفاؤه. أم أنهم ما زالوا يتاجرون بما بقي منه؟ ألا نجلس على طاولة المفاوضات لإعادة تشكيل المنطقة؟
خلافة ومصير الثنائي
الواقع المذكور يطرح أسئلة إضافية: هل تعيد بقية الحزب حساباتها داخل لبنان وخارجه؟ هل تبحث الآن عن طريقة للخروج من المأزق الذي تجد نفسك فيه؟ هل يمكنهم المضي قدمًا على الرغم من شعورهم بالظلم والكسر؟ هل يستطيعون إعادة التوازن إلى رعب اليوم الأسود، يوم انفجرت أجهزة النداء التي كانت حافزاً لإعلان حرب مدمرة عليه؟
وماذا عن تداول اسم رئيس المجلس التنفيذي أو «الرجل الثاني» هاشم صفي الدين باعتباره المرشح الأبرز لخلافة نصرالله، رغم كونه مجهولاً فعلياً على صعيد دوره القيادي؟ والشخصية؟ وحتى لو كانت مستوفية للمواصفات المطلوبة، فهل ستتمكن من جسر الفجوات الكبيرة والثقة المكسورة بين بقية القادة والأعضاء والمقاتلين؟ فهل هو قادر على سد الثغرة أو الثغرة التي خلفها اغتيال نصر الله، والتي كانت واضحة للعيان لمن حوله الذين أصيبوا بالصدمة والحزن؟ فهل هو قادر على تحميل أنصاره المزيد من المشاريع الداخلية والإقليمية التي تتجاوز قدراتهم وواقعهم بشكل واضح؟
في المقابل، ما هو مصير الثنائي الشيعي «حزب الله وحركة أمل» الذي شكله حسن نصر الله ونبيه بري في ظل التساؤلات الكثيرة؟ فهل سيقبل الرئيس بري أي تغيير في هذه المعادلة التي سيطرت على البلاد منذ عقود؟ كيف سيتعامل حزب الله مع مشروع إقامة الدولة وبناء المؤسسات وتطبيق الدستور وتنفيذ القرارات الدولية؟ هل هو لاعب في الميزانيات الداخلية الجديدة؟
أما البيئة الحاضنة التي وقفت وحيدة ومهجورة في منتصف الطريق أمام مصيرها: فهل تعيد النظر في ظروفها وخياراتها لتكييفها مع وطنها لبنان الذي يستعد لمقاربة جديدة؟
حزب الله بين مرتين
حزب الله قبل نصر الله ليس هو نفسه بعد نصر الله. وعلى الرغم مما قد يقترحه القادة على الأرض، فإن المرحلة المقبلة هي مرحلة عدم استقرار في صفوفهم، وعدم استقرار تجاه حلفائهم وشركائهم في الداخل، بل ومزيد من عدم الاستقرار تجاه خصومهم وخصومهم في الداخل والخارج، الذين رغم أنهم كانوا يختبأون عنهم. ستظل له نظرة الضعف التي نظروا بها إلى حقيقته، تتبعه في كل المطالب التي تنتظر الجميع.