مصانع الصلب المحلية تتأرجح بين تباطؤ المبيعات وارتفاع تكلفة الإنتاج

منذ 2 شهور
مصانع الصلب المحلية تتأرجح بين تباطؤ المبيعات وارتفاع تكلفة الإنتاج

عندما سافرت السفن في البحار والمحيطات وواجهت الخطر، أرسلت رسائل تطلب المساعدة والاستغاثة. وكانت تتألف من كلمة واحدة هي كلمة “SOS” وهي اختصار لكلمة “حفظ”. “أنفسنا” أو “أنقذوا أرواحنا”. ومن يتفكر في أحوال شركات الصلب المحلية خلال هذه الأشهر العجاف يدرك التشابه بينها و… عندما تطلق السفن ومن على متنها صرخات تحذيرية على أمل أن يجيبك أحد. نداء… هل من مخلص ونصير؟

**انخفاض حاد في المبيعات

لو تحدثت مع أي مسئول في أي من مصانع الصلب في مصر سواء مصانع متكاملة أو مصانع شبه متكاملة أو مصانع درفلة ستجد شكوى موحدة من الجميع أن هناك انخفاض حاد في المبيعات يمكن أن يخبرك بها صاحب المصنع بلغته العامية البسيطة: “ليس هناك بضائع!” وهذا الضعف الشديد في المبيعات قد يدفع المصانع إلى تقليل أحجام الإنتاج بهدف تقليل التكاليف وترشيد النفقات قدر الإمكان حتى لا تتكبد خسائر كبيرة. في الماضي كان يمكن للمرء أن يرى كيف يجتمع الأضداد – الشيء ونقيضه – في نفس الوقت في مصانع الصلب المصرية. يمكنك أن ترى كيف رفعوا الأسعار في شهر واحد، وأنتجوا واستلموا الإيرادات، ورأيت نفس المصانع في نفس الوقت في الشهر التالي تخفض الأسعار وتخفض أحجام الإنتاج. في بعض الأحيان تمر الشركة بفترات انتعاش كبير في الإنتاج والمبيعات والأرباح، وفي أحيان أخرى تعاني من الانكماش والبطء والخسائر، ولكن منذ بداية العام الحالي هناك شرط واحد فقط لا يتغير في مصانع الصلب المحلية وهو ذلك التراجع الحاد في المبيعات وتراجع معدلات الإنتاج وبالتالي تراجع المبيعات والأرباح، ما يعني أن هذا التباطؤ أجبر جميع المصانع دون استثناء على استقرار أسعارها للشهر السابع على التوالي. حتى أن بعض مصانع الدرفلة اضطرت إلى خفض أسعارها بنحو 500 جنيه، والبعض الآخر بنحو ألف طن، من أجل إيجاد سوق لما تنتجه، مؤكدة في الوقت نفسه أن الخسائر في مثل هذه المواقف متكاملة وشبه. المصانع المتكاملة أكبر بكثير لأنها، على عكس مصانع الدرفلة، تتكبد تكاليف باهظة ومخيفة!

وأجبر تباطؤ الإنتاج والمبيعات، كما سبق أن ذكرنا، المصانع الكبرى على استقرار أسعارها للشهر السابع على التوالي، حيث ظلت أسعار مجموعة العز وبشاي دون تغيير وعند “40 ألف و700 جنيه” للطن وفي السويس 40.500 جنيه و بالمراكبي 40.500 جنيه. وفي الحديد المصري 38.550 جنيها، كما حافظ أيمن العشري وجمال الجارحي على أسعارهما دون زيادة بما يعادل 38.400 جنيها. ويشير استقرار الأسعار على هذا النحو للشهر السابع على التوالي إلى عدة إشارات لا يتسع المجال لذكرها. أولاً:

ومن دون استثناء، تعاني كافة المصانع من تراجع كبير في المبيعات ثانية: إن سياسة التسعير لجميع المنتجات، سواء حديد التسليح أو لفائف الأسلاك أو الفولاذ المسطح، تخضع لعوامل تكلفة متغيرة. ثالث: تبيع المصانع منتجاتها بهامش ربح صغير جدًا تقريبًا رابعا:

قد تضطر بعض المصانع الكبيرة إلى إدخال وتطبيق معادلة تسعير غير عادلة، مما يعني أنها تضطر إلى بيع منتج ما، مثل الألواح المسطحة، بسعر أقل من سعر حديد التسليح، وذلك من أجل خفض أسعار التصدير سواء كان ذلك حديد التسليح أو ملفات الأسلاك أو حتى الفولاذ المسطح، يمكنهم العثور على مكان في أسواق التصدير يمكنهم من خلاله الحصول على النقد الأجنبي الذي يمكنهم من خلاله تلبية احتياجاتهم الإنتاجية المستوردة من الخارج. خامسا: وحددت المصانع أسعارها في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، حتى مع ارتفاع أسعار حديد التسليح في بعض الأسواق العربية الأخرى، مثل السوق الإماراتي، حيث رفعت شركة حديد الإمارات، التي تسمى حاليا “إمستيل”، سعر الطن 20 دولارا زيادة مرة واحدة. مقارنة بأسعار أغسطس الماضي، ليصل سعر الطن لدى حديد الإمارات إلى 666 دولارًا، مع الأخذ في الاعتبار أن ضريبة القيمة المضافة الخاصة بها لا تتجاوز 5%، أما في مصر تصل ضريبة القيمة المضافة إلى 14%، وتكاليف الإنتاج هناك لا تقارن لتكاليف الإنتاج في مصر، والفارق الرهيب في سعر الغاز يكفي، والفارق في سعر العملة أيضا. في مصر الدولار 49 جنيهاً مصرياً، بينما في الإمارات الدولار = ثلاثة دراهم وسبعة وستون فلساً!

**

ارتفاع أسعار السلع العالمية

وإذا نظرنا إلى أسعار المواد الأولية في البورصات العالمية في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/أيلول المقبل، سنرى أن سعر الخردة ارتفع ووصل إلى 6 دولارات للطن، وهو ما دفع الأتراك إلى زيادة أسعار حديد التسليح إلى أكثر من 600 دولار أمريكي للطن بدلاً من ذلك. 570 و580 دولارا للطن في أغسطس الماضي. كما قامت تركيا برفع أسعار لفات الأسلاك بمقدار 5 دولارات للطن، حيث ارتفع سعر الطن من 585 دولارًا إلى 590 دولارًا بسبب تكاليف الشحن الضخمة! ورغم انخفاض أسعار خام الحديد والبليت إلا أنها انخفضت بشكل طفيف دون أن تؤثر بشكل كبير على متوسط أسعار المنتجات النهائية، وإن كانت أسعار المواد المسطحة المدرفلة على الساخن انخفضت بشكل ملحوظ، إذ يتراوح السعر العالمي بين 460 و470 دولاراً للطن وهو ما يمكن أن يدفع العز المصري المجموعة إلى تغيير أسعاره وفقا لعوامل التكلفة الخاصة به

**

مرونة السعر

إن التقلبات الشديدة التي يشهدها سوق الصلب المحلي واستقرار الأسعار للشهر السابع على التوالي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قطاع الصلب في مصر هو القطاع الوحيد الذي يتبع سياسة المرونة السعرية مثل كافة الصناعات والمصانع الأخرى التي تقوم باحتساب أسعار منتجاتها وفقاً لسعرها. عوامل التكلفة ولا تعتمد على الحالة المزاجية. من المؤكد أن عملية التسعير تخضع للأهواء والأهواء، لكن السؤال الأهم الآن هو: هل جميع المصانع حالياً قادرة على الصمود في وجه ذلك؟ ومواصلة الإنتاج في مواجهة هذه المتغيرات والتقلبات الشديدة محليا وعالميا؟ أعتقد أن البقاء والاستمرارية سيفيد من هو الأكثر ذكاءً وتطوراً في الإدارة ولديه القدرة القوية على التسويق والتصدير إلى أسواق مختلفة في بلدان مختلفة، مع العلم أن هذه المواصفات لا توجد إلا في المصانع الضخمة والشركات الكبيرة المتوفرة لديهم معروفة مسبقاً، وهي العز، السويس، بشاي، المراكبي، لكن… أعتقد أن بقية المصانع المصرية ستغرق في سبات عميق لفترة طويلة، راضيةً عن أرباح السوق المحلية. في أوقات الانتعاش والازدهار. هذه المصانع تكاد تكون مثل لاعب كرة قدم مصاب برباط صليبي أو وتر العرقوب ويحتاج إلى عملية جراحية عاجلة للتعافي والشفاء!

 


شارك