جوزيف عون يرسم خارطة سياسية جديدة للبنان

منذ 3 ساعات
جوزيف عون يرسم خارطة سياسية جديدة للبنان

تنفس لبنان الصعداء وابتهج اللبنانيون بانتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، وهو ما وضع حدا للفراغ الرئاسي وإراقة الدماء الدامية، إيذانا بمرحلة جديدة على كافة المستويات. إن التغييرات التي ستعقب هذه الانتخابات ستشكل حدثاً حاسماً ونقطة تحول بين مرحلتين: مرحلة ما كان عليه لبنان ومرحلة ما سيكون عليه.

تشير الوقائع الداخلية والخارجية إلى أن انتخاب عون يشكل نهاية عهد العزلة العربية والدولية للبنان والرئاسة.

هذه الحقائق خلقت جواً من التفاؤل لدى اللبنانيين، لأنها السبيل الوحيد لإعادة بناء الدولة على أسس متينة وحديثة وصحيحة، وفتح لبنان على آفاق مستقبلية لم تكن ممكنة سابقاً بسبب أزماته الاقتصادية والسياسية. لقد كان التناوب في حلقة مفرغة لسنوات.

وبحسب خطاب أداء اليمين الذي أعلنه الرئيس جوزف عون، فإن لبنان سيواجه خريطة سياسية جديدة تقوم على إعادة اصطفاف تعيده إلى دوره وعلاقاته الدولية ومحيطه العربي بعد انقطاع طويل.

في أول ظهور له كرئيس، قدم جوزف عون نموذج الرئيس الواثق، وقدم لغة سياسية تعكس أسلوباً جديداً ومختلفاً للحكم. وكانت كلمة أداء القسم بمثابة برنامج حكم شامل، عبّر عن تطلعات اللبنانيين، الذين عانوا من تجربتهم السابقة، إلى أن إدارة الدولة تتطلب أفعالاً حقيقية تتجاوز الكلمات.

ومن مضمون خطاب أداء اليمين اتضح أن الرئيس الجديد يدرك جيداً أولويات المرحلة الاقتصادية. وتطرق بالتفصيل إلى ضرورة رفع لبنان من “القائمة الرمادية” ومنعه من الانزلاق إلى “القائمة السوداء” بحسب تصنيف مجموعة العمل المالي (FATF).

ويدرك الرئيس عون أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم استقلالية القضاء، إذ تتعطل قضايا غسيل الأموال بسبب التدخلات السياسية. كما يدرك أهمية جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية انطلاقا من ضرورة خلق بيئة قانونية شفافة ومستقلة. كل مستثمر، وخاصة الأجنبي، يستفسر أولا عن حالة العدالة في البلد الذي يريد الاستثمار فيه.

كما يدرك الرئيس الجديد أن مكافحة ظاهرة التهريب سيكون لها آثار إيجابية كبيرة، خاصة القضاء على الاقتصاد غير الشرعي لصالح الاقتصاد الرسمي، وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الإيرادات الحكومية.

وفي إطار الإصلاحات، سلط عون الضوء على أهمية إعادة هيكلة القطاع العام، وهو شرط ضروري للتعافي الاقتصادي. ويشكل خفض العجز وتحسين إنتاجية الموظفين العموميين خطوات أساسية نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي واستعادة ثقة المجتمع الدولي.

وأخيراً، برزت التزامها بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، وتأكيدها على أنها البوابة الأساسية للبنان لاستعادة دوره الطبيعي كدولة مستقرة. ذلك أن كل المحاولات الرامية إلى تحقيق التعافي والازدهار لن تكون ذات جدوى ما لم يتم تنفيذ هذا المبدأ بالكامل.

لقد عكست كلمة الرئيس جوزاف عون رؤية متماسكة ومقاربة عملية لمعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية، وهي خطوة، في حال تنفيذها، ستعيد لبنان إلى طريق الإصلاح والازدهار.


شارك