عاصمة المفاوضات ومدخل الغزاة.. ماذا تعرف عن بلدة الناقورة اللبنانية؟
تتميز مدينة الناقورة اللبنانية بجمالها الطبيعي الذي يأسر كل ناظر إليها. وتتميز بشواطئها الصخرية المنحدرة على شواطئ صافية، كما تزين جبالها العديد من غابات الصنوبر والأنهار الصغيرة والكهوف الغريبة.
لكن خلف جمال هذه المدينة وسحرها يكمن تاريخ من المعارك التي شهدتها أرضها مطمعاً للغزاة نظراً لموقعها الاستراتيجي بين لبنان وفلسطين. وتشهد المدينة الفصول الأخيرة من هذه المعارك مع انسحاب إسرائيل منها، وبعد أسابيع من احتلالها خلال معارك فيضانات الأقصى، أصبحت الناقورة أول مدينة في جنوب لبنان تتحرر من قبضة الاحتلال.
وتسرد صحيفة الشروق أهم المعالم التاريخية التي شهدتها مدينة الناقورة ذات الأهمية الاستراتيجية والأحداث التي شهدتها، بحسب معلومات من DW الألمانية والإندبندنت وصحيفة القدس العربية.
– جذورها ضاربة في عمق التاريخ
تأسست مدينة الناقورة في العصور الوسطى، إلا أن الوجود البشري في هذه المنطقة قديم جداً لدرجة أن هناك آثاراً تعود إلى العصر الحجري. وتطورت المدينة فيما بعد لتصبح محطة تجارية مهمة إذ تقع في منتصف الطريق الساحلي بين مصر والكنعانيين في بلاد الشام.
– دخول المتسللين
ويعتبر الإسكندر الأكبر من أشهر الغزاة الناقورة، وقد حصلت المدينة على اسمها نسبة إلى الإسكندر عندما غاب وهو في طريقه إلى فلسطين عن جبال المدينة العنيدة فأمر بحفرها وحفر حولها كهوفاً يعبر نحو فلسطين، وهو سبب تسميتها بالناقورة.
وشهدت الناقورة عقودا من الاضطرابات بين الكنعانيين والفرس والروم، ثم الحكم الإسلامي، وبقيت تحت ظله قرونا حتى احتلها الصليبيون في طريقهم إلى عكا الفلسطينية والقدس الشريف. وقد بنى الصليبيون موقع قلعة شهيرة في هذا الموقع الاستراتيجي، المعروف الآن ببرج الناقورة.
وفي العصر المملوكي الذي حرر بلاد الشام من آخر فلول الصليبيين، سرعان ما عادت الناقورة إلى الحكم الإسلامي وبقيت بين المماليك والعثمانيين قرونا قبل أن تعود كوابيس الاحتلال المعتادة.
وكانت الناقورة مدخلاً للغزو البريطاني لبلاد الشام، الذي كان يهدف إلى احتلال فلسطين تمهيداً لإقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي. ولذلك تمت السيطرة على الناقورة وإنشاء سكة حديدية لربطها بفلسطين وتسهيل إمداد القوات البريطانية هناك.
حصل لبنان على استقلاله مع الناقورة بعد عقود من الاستعمار الفرنسي والبريطاني لكل لبنان. لكن خلال حرب 1948، سرعان ما غزت العصابات الصهيونية الناقورة واحتلت عدة قرى في محيطها.
-عاصمة المفاوضات
الموقع الاستراتيجي أعطى الناقورة دوراً بارزاً في كافة المفاوضات. أولها المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ولبنان بشأن وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي، وآخر المفاوضات على أراضيها هي المفاوضات المثيرة للجدل لتحديد الحدود البحرية في عام 2020.
– نقطة انطلاق المقاومة
واستفادت المقاومة، سواء كانت فلسطينية أو لبنانية، من موقع الناقورة الممتاز مع إطلالة جيدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة وقربها من مدن استراتيجية مثل عكا، مما يسهل استهدافها بالهجمات الصاروخية. ولذلك كانت الناقورة قاعدة للعمليات الفدائية الفلسطينية في الثمانينات وموقعاً مناسباً للعمليات البحرية، وواصلت دورها مع حزب الله في أشهر الهجمات الصاروخية على أراضي عكا وحيفا المحتلة.