أرواح من غزة تسيطر على عقول صُناع الأفلام في مهرجان القاهرة للفيلم القصير

منذ 9 أيام
أرواح من غزة تسيطر على عقول صُناع الأفلام في مهرجان القاهرة للفيلم القصير

تسيطر الأحداث الفلسطينية في قطاع غزة على أذهان المخرجين الشباب في مختلف الدول العربية، وينعكس ذلك بوضوح في عروض الأفلام المقدمة خلال فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير في دورته السادسة.

ويشهد المهرجان حضوراً واهتماماً لافتاً من قبل الجمهور، حيث يركز الكثير منهم ويهتمون بمشاهدة الأفلام الفلسطينية، وقد منحهم المهرجان جرعة مكثفة من ذلك، سواء كان ذلك من خلال الفيلم الافتتاحي “برتقالة من يافا” والذي تم عرضه مرتين في يومين مختلفين في برنامج الأفلام، أو أفلام قصيرة أخرى نناقش بعضها بالتفصيل.

كانت الروايات الدرامية للحرب في غزة متنوعة، وقد استلهم صانعو الأفلام القصيرة أفكارًا مختلفة بشكل كبير وحاولوا التعبير عنها، مع تأثر صانعي الأفلام بشكل واضح بعمليات القتل والدمار والتهجير في قطاع غزة المحاصر.

وفي فيلم “الخسارة” من إنتاج المعهد العالي للسينما وإخراج رامي القصاب، تدور الأحداث في 9 دقائق حول مجموعة من الفلسطينيين الذين يهربون من الموت إلى الصحراء بحثاً عن حياة جديدة بعيداً عن الثابت القصف يخيفهم بشكل قاتل حتى يجدوا أسلوب حياة جديد بعد أن يدمر الاحتلال حياتهم.

وبناء على أوامر المهربين، تجمهر الشباب والرجال والنساء في السيارة، لكن لم تسير الأمور على ما يرام. بل خلال هذه الرحلة فقد كل منهم أشياء كثيرة إلى الأبد، وخسر آخر آلته الموسيقية.

يركز المخرج رامي القصاب على لحظة شديدة في حياة الأبطال، لحظة الهروب بكل قسوتها ومخاوفها وصعوباتها.

أما فيلم «قلوب صغيرة» للمخرجة مروة الشرقاوي، فركزت على صوت مختلف أرادت التعبير عنه في خمس دقائق فقط، طول الفيلم، وتظهر فيه أصوات أطفال فلسطينيين صغار يغنون عليه. تتكلم مروة وتعبر عن أحلامها ومخاوفها بكل بساطة وحنان، متجنبة السرد الدرامي التقليدي للقصة، مكتفية بأصوات الأطفال في الخلفية – من خلال التعليق الصوتي – وبسرعة لقطات لأعينهم وحركات بريئة في واحدة وفي أحد مشاهد الفيلم القصيرة شديدة التأثير، يتحدث طفل مع قطته ويطلب منها ألا تأكل جثتها بعد أن قتلها القصف.

الفيلم التونسي «تهليلة لا مثيل لها» للمخرجة أماني جعفر، يدور حول لحظة مكثفة في حياة بطلة الفيلم التي تبدو كشابة في العشرينيات من عمرها، لحظة فقدان هاتفها المحمول أثناء سيرها. في الشارع، وبحثها المحموم عنه لأنه يمثل كل شيء. لديها ذكريات ووسيلة تواصل مع عائلتها في غزة.

ويكتفي المخرج بالتعبير بصريا عن حالة التيه والضياع التي تعيشها البطلة، من خلال المظهر الخارجي المتناثر “للشعر والملابس” وأيضا من خلال التجوال بلا هدف في الشوارع المزدحمة، وتستمر الحياة من حولها ولكنها تتوقف. في حالة الانهيار عندما يضيع الهاتف وتعتمد الشخصية على التعبير. ولا تظهر الصورة أي حوار أو مناجاة ذات معنى، بل فقط في صمت، وتبرز كل المشاعر المضطربة إلى الواجهة، ويرافق ذلك تسجيل صوتي لمحادثة العائلة عبر الهاتف وعبر الرسائل المسجلة في تطبيقات التواصل.

نقلت الأفلام الثلاثة مجموعة متنوعة من المشاعر على الشاشة، كل منها يحكي لحظة في حياة الشخصيات، لحظات محورية في سياق عام من الخوف الذي يحيط بالجميع. ويمكن النظر إلى الخوف على أنه رابط مشترك بينهما، فهو يهيمن على المجال العام، إضافة إلى طمس المشهد الدموي الذي خلقه الاحتلال، والذي لا أحد يعرف متى يتوقف.


شارك