أئمة الإفتاء يناقشون دور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري ومواجهة التطرف

منذ 3 ساعات
أئمة الإفتاء يناقشون دور الفتوى في تعزيز الأمن الفكري ومواجهة التطرف

واصل العلماء المشاركون في فعاليات الجلسة العلمية الأولى للندوة العالمية لدار الإفتاء المصرية مناقشاتهم حول موضوع الفتوى والأمن الفكري، حيث تحدث الأستاذ الدكتور . وناقش رضا محمود محمد السعيد – أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية المساعد بجامعة الأزهر – دراسة بعنوان “دور الفتاوى في تعزيز الانتماء الوطني والشعور بالهوية”.

وشدد خلال بحثه على تأثير الفتاوى الدينية في مكافحة الأيديولوجيات المتطرفة وتعزيز الهوية الوطنية في مواجهة التحديات الراهنة. كما ركز البحث على ضرورة أن يكون معد الفتوى على دراية كاملة بقضايا الانتماء الوطني والهوية الوطنية لمواجهة آثار العولمة والجماعات المتطرفة.

كما ناقشت الدراسة مختلف سبل تعزيز الانتماء الوطني، كالرد على شبهات الجماعات المتطرفة، وإثبات أهمية الوطنية شرعا، وتحذير المجتمع من الفتاوى الشاذة التي تهدد الاستقرار الفكري والاجتماعي. وأوصى بضرورة تشكيل لجنة من المؤسسات الدينية للتوعية بقضايا الانتماء والهوية، وإدراج نماذج من الفتاوى الدينية الداعمة للولاء الوطني في المناهج المدرسية، وتفعيل دور وسائل الإعلام الحديثة لتوعية المجتمع ومحاربة الأفكار الهدامة وتعزيزها. الانتماء الوطني من خلال برامج التوعية المستمرة.

البروفيسور د. من جانبه أكد محمد أحمد سراج أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية، أن الفتوى هي بيان فقهي لقضايا حديثة من أحد علماء مصادر الشريعة، والذي يجب أن يكون المفتي على دراية بالقرآن والسنة والسنة. الرجوع إلى واقع الناس والعادات المعاصرة. وتتطلب عملية الفتوى أيضًا التعاون بين الهيئات المختلفة، مثل المجامع الشرعية ومجالس الفتوى، لتوحيد المناهج الدراسية.

وأوضح أن الفتوى والعدل والفقه أجزاء مترابطة من النظام القانوني الإسلامي، وأن العلماء عبر التاريخ لعبوا دورا مهما في الحفاظ على تماسك الدولة الإسلامية وتحقيق العدالة. والارتباط بين الفتوى والعدالة واضح في الفقه الإسلامي الذي يتطور حسب احتياجات العصر.

وقال أيضًا إن التجديد ليس قفزة في الهواء، بل هو عمل متواصل لإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية وفق الشرع، وإن علماء مثل الإمام محمد عبده والطاهر بن عاشور وغيرهم طرحوا أفكارًا للإصلاح. مقاصد الشريعة التنموية لمواجهة المتغيرات الاجتماعية، بالإضافة إلى النهوض بقرارات الأزهر وحماية حقوق المرأة.

وأشار إلى أنه يجب على المفتي أن يفصل قانونيا بين نص القانون وواقع الحياة. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تطبيقه لمبادئ العدالة في الميراث والقضايا الاجتماعية، مثل قضية المرأة في الميراث، حيث قرر عمر بن الخطاب تقسيم الورثة على مبدأ العدل.

وأكد أن تجديد الخطاب الديني يتطلب دراسة المشكلات التي تواجه الأمة والعمل على حلها على أساس الكتاب والسنة والفقه، وأن دار الإفتاء مستمرة في نشر مدونات الفتوى والتحقق منها حتى تساهم في التنمية الاجتماعية. يتغير.

دكتور. من جانبه، أكد أسامة هاشم الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بمشيخة الأزهر الشريف، على أهمية الفتوى المنضبطة في مكافحة الأفكار المتطرفة وتوضيح مراد الله، في قوله: ويشير إلى دوره الأساسي في حماية الروح من الانحراف والتطرف، وفي توجيه حياة الناس إلى طريق الله.

وأوضح أن الفتوى ليست مجرد تعبير عن رأي، بل هي توقيع عن الله في قراراته، مشددا على أن المفتي يجب أن يتمتع بالعلم والمؤهلات اللازمة وأن يكون قادرا على فهم نصوص الشريعة وفهمها. أحداث الواقع بما يضمن تحقيق مقاصد الشريعة واتخاذ القرار الشرعي الصحيح.

وأشار إلى خطورة إصدار أحكام قضائية دون حجة ولا دليل، إذ اعتبر ذلك من الكذب على الله، واستدل بقول الله تعالى: “ولا تقولوا إذا تصف ألسنتكم الكذب هذا هو الكذب”. حلالاً وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب: بل لا يفلح الذين يفترون على الله الكذب (النحل:116).

وأكد في عرضه لأسباب التطرف أنه بالإضافة إلى التحرر من قيود الفضيلة، فإن الاكتفاء بالتثقيف الذاتي دون أساس علمي متين، وتقديس الناس، وسوء الفهم لنصوص القرآن والسنة، من بين الأسباب الأخرى. أهم عوامل ظهور الأفكار المتطرفة. كما لفت إلى مظاهر هذا التطرف والتي تتمثل في التعصب والتعصب واحتقار المعارضين، فضلا عن الاندفاع والاستهتار في تحقيق الأهداف الآنية دون النظر إلى العواقب.

وحول دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في مكافحة الأفكار المتطرفة، أوضح أن المركز يقدم الفتاوى المستنيرة من خلال مفتين متخصصين يتمتعون بالكفاءة العلمية ومهارات الإقناع والحوار. وأكد أن دور المركز لا يقتصر على إصدار الفتاوى فحسب، بل يمتد إلى تقديم جلسات توعوية تساعد في حماية المجتمع من الأفكار المخالفة.

البروفيسور د. بدورها أكدت وافية حمودة، الأستاذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في بحثها الذي يحمل عنوان “المفتية.. أهمية ومعايير” أن المرأة في صدر الإسلام كان لها حضور بارز في مجال التعليم والفتوى، كما رأى كثير من العلماء. وكتبوا سيرهم التي نوقشت في مؤلفاتهم، فمثلا في كتاب “الإصابة في تميز الصحابة”، ترجم الحافظ ابن حجر 1543 امرأة منهن محاميات، ذكر علماء الحديث والكتاب الإمام. ويذكر السخاوي نحو 85 شيخاً في كتابه “النور الساطع لأهل القرن التاسع”.

ونقلت ما ذكره الإمام النووي في كتابه “آداب الفتوى” عن شروط المفتي، وهي الكفاءة والنزاهة والعلم، وقد ساعدت هذه الشروط على تمكين المرأة في مجالي الفتوى والتعليم، إذ تولت المرأة منصب الفتوى هذا بحسب لقدراتهم العلمية وأخلاقهم بغض النظر عن جنسهم.

وأضافت: “في القرن التاسع الميلادي، لعب عدد كبير من النساء دوراً بارزاً في تشكيل وإصدار الفتاوى في مكة، وبحسب الأرقام فإن عدد الفقهاء الذين كانت لهم صلة بمكة بلغ نحو 270 امرأة”. المحامين يعكس الدور المهم للمرأة في العلوم القانونية في هذا الوقت.

وأوضحت أيضًا أن كتب القانون لم تكن معنية بتوثيق أقوال الفقهاء، باستثناء ما يتعلق بأمهات المؤمنين وبعض النساء في صدر الإسلام. ومن الأسباب التي أدت إلى هذا الإهمال زهد كثير من النساء في الكتابة والعلم، بالإضافة إلى هيمنة العلماء الذكور على الفقه في هذه الفترة.

وتابعت: ومن أبرز النساء اللاتي كان لهن دور في الفتوى وأنشطة التدريس هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، والتي من خلالها حصلت العديد من المحاميات على شهادات الحقوق. ومنهن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وصفية بنت شيبة، وأم الدرداء الصغرى، اللاتي اشتهرن بالعلم والزهد.

وتابعت: “في القرون الهجرية الأولى كان هناك العديد من النساء المتميزات في الفقه، مثل أسماء بنت أسد بن الفرات بالقيروان التي درست مع والدها وعملت في مناظرة الهيئات، وكذلك خديجة بنت الإمام سحنون في تونس”. والتي كانت من أبرز المحاميات.” وفي عهدها كانت هناك أيضًا محاميات في مصر مثل أخت إسماعيل بن يحيى المزني التي “ونافسه في الفقه وناظره، وإن كان أكثر العلماء لم يذكروا مساهماتهم بشكل بارز”.

وأوضحت في ختام حديثها أن الذهبي أشار في “ميزان الاعتدال” إلى أن المرأة كان لها دور بارز في نقل العلم، إذ لم يعرف عنها كذب أو خطأ في رواية النبي صلى الله عليه وسلم. الحديث. وذكر ابن القيم أن عدد الصحابة والتابعين الذين حفظ عنهم الفتوى بلغ 130 شخصا، منهم نحو 22 مفتا.

تحت عنوان «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري: قراءة في المبادئ والتداعيات»، د. مصطفى عبد الكريم أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بحث أشار فيه إلى أن الفتوى تحتاج إلى الدقة والجودة، مستشهدا بما جاء في قوله تعالى: “ولدينا لك ذكر أنزلناه” لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نَزَّلَ لَهُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [النحل: 44].

وأوضح أن الفتوى هي إحدى أدوات الحفاظ على الأمن الروحي في المجتمع، ويجب على العلماء والفقهاء توخي الدقة والدقة في إصدار الفتاوى. وأكد أن الفتوى ليست مجرد كلام، بل هي مسؤولية كبيرة تمس بشكل مباشر حياة الأفراد والمجتمعات.

وأشار إلى أن الأمن النفسي يشمل مجموعة من القواعد والضوابط التي تهدف إلى تشكيل عقلية الفرد بما يحميه من الانحرافات. وأوضح أن الحفاظ على العقل هو الخطوة الأولى في إرساء أسس الأمن الروحي، إذ أن العقل هو أساس الإسناد وأصل المسؤولية القانونية.

وأشار إلى أهمية تقسيم الفتاوى إلى ثلاثة أنواع: الشخصية والاجتماعية والعامة. وأوضح أن الفتوى الشخصية تخص الأفراد وتهدف إلى حماية أفكارهم ومشاعرهم، أما الفتوى الاجتماعية فتشير إلى المجتمع ككل وتهدف إلى حماية استقراره وأمنه.

وفي معرض حديثه عن الفتوى العامة قال د. واعتبر عبد الكريم أن التباين في الفتاوى بين الدول المختلفة قد يؤدي إلى اضطرابات فكرية خطيرة، ودعا إلى ضرورة الرعاية العقلانية والمنهجية التي تضمن التوافق بين الآراء المختلفة. وشدد على أهمية عدم الاعتماد على الفتاوى الشاذة التي قد تؤدي إلى الفوضى والانقسامات في المجتمع.

وتطرق إلى التحديات التي تواجهها الفتوى في العصر الحديث، مشيراً إلى ظاهرة طلب الشهرة من خلال إصدار فتاوى غير ناضجة أو غير طبيعية وكيف تهدد هذه الظاهرة استقرار الفكر. وشدد على ضرورة مراعاة التخصص في مجالات الفتوى، ودعا إلى الاستعانة بأهل العلم والخبرة عند الضرورة.

وفي نهاية اللقاء تحدث د. أميرة عبد الناصر – مدرس القانون العام بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية – بحث بعنوان “دور المؤسسات الدينية في بناء مهارات الإفتاء لدى المرأة” نظرت فيه إلى دور المؤسسات الدينية في تمكين المرأة لممارسة الفتوى، والتحديات الاجتماعية والدينية التي تعيق مشاركتهم. كما ركزت في هذا المجال على التصورات النمطية التي تحد من دور المرأة في إصدار الفتاوى. والتفسيرات التقليدية لنصوص الشريعة التي تفرض قيودا اجتماعية على مشاركتهم. كما يحاول البحث تحليل مدى امتلاك المرأة لصفات المفتي وفق الضوابط الشرعية واستعراض دورها التاريخي في تحسين الأمن الروحي.

وأشار البحث إلى أن تمكين المرأة من الإفتاء يسهم في تحسين الأمن الفكري والاجتماعي ويركز على دور المؤسسات الدينية في تقديم برامج تأهيلية لتنمية مهارات الإفتاء لدى المرأة.

كما ناقش النماذج التاريخية للمفتيات على مر القرون، وبحث الاختلافات بين متطلبات الفتوى للرجال والنساء، وسلط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة في هذا المجال، مثل: ب. التفسيرات التقليدية والتصورات الاجتماعية السائدة.

دكتور. وأكدت أميرة عبد الناصر أنها تعتمد على عدة أساليب تحليلية، منها الوصفي والاستقرائي والاستنباطي والواقعي، لدراسة دور المؤسسات الدينية في تمكين المرأة من إصدار الفتاوى.

وتم تقديم توصيات لتعزيز البرامج التدريبية للمرأة في القانون والفقه والعمل على تغيير الصور النمطية المجتمعية عن دورها في الفتوى. وشددت على ضرورة توفير برامج التدريب المهني للمرأة لتأهيلها كعنصر فعال في معالجة المشكلات الفكرية والقضايا الاجتماعية.

كما أكدت على ضرورة الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لتوفير برامج تدريبية مرنة وإنشاء وحدات إشرافية للتأكد من توافق الفتوى مع مقاصد الشريعة، فضلا عن تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية والأكاديمية لإعداد كوادر علمية نسوية قادرة على ممارسة الفتوى بموضوعية. وبكفاءة.


شارك