«الهدنة».. تغيير قواعد اللعبة

منذ 7 أيام
«الهدنة».. تغيير قواعد اللعبة

إن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله ليس خطوة لوقف دماء الحرب كما يصور، بل هو نقطة تحول في المشهد اللبناني والإقليمي، وهذا سيفتح الباب أمام مرحلة جديدة تمثل معادلات القوة والصراع. التوازنات السياسية في المنطقة من جديد

ويشير الاتفاق وفق بنوده الـ13 إلى تغيير نوعي في طبيعة الصراع، وربما أكثر إلى تغيير جذري في “قواعد اللعبة” في المرحلة المقبلة، بعد الحديث خلال فترة الصراع عن “قواعد اللعبة”. المشاركة”، وهو ما يعني أنها تعكس تغيرات عميقة في الاستراتيجيات الإقليمية والدولية.

الدور الأمريكي في إبرام الاتفاق

وفي هذا السياق، وبالنظر إلى ظروف الاتفاق وتداعياته السياسية والعسكرية، وكذلك حسابات أرباح وخسائر الأطراف المختلفة، تقدم بوابة البلد الملاحظات والاستنتاجات التالية:

أولاً: لا بد من تسليط الضوء على الدور أو التدخل الأميركي الحاسم في تحقيق هذا الاتفاق، الذي يعتمد على واجهة محددة بين إدارة بايدن وفريق ترامب، ويستند إلى قرار مشترك للرئيسين في البيت الأبيض، والذي العمل على إنهاء الحرب الإسرائيلية في لبنان على طاولتها. وهو ما أعطى المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، الذي حصل على تفويض من بايدن، الدافع إلى الرغبة في إنهاء ولايته بإنجاز كان ممكناً وجدياً في لبنان، على عكس ما كان «مستحيلاً» في غزة. تفويضاً من ترامب الذي يعمل في أجواء الشرق الأوسط “صفر حروب” للوصول إلى البيت الأبيض لأن أولوياته تكمن في مكان آخر: الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب التجارية مع الصين، والملف النووي.

ثانياً، لم يكن من الممكن إبرام هذا الاتفاق أو اعتماده في لبنان، ولم يتلق المفاوضان نجيب ميقاتي ونبيه بري الضوء الأخضر ولا الإذن بالتفاوض من حزب الله وحلفائه، الذين أدركوا أنهم كانوا في لحظة حرجة، واضطروا إلى ذلك. للانتقال من خيار الحرب إلى خيار الدبلوماسية ونزع فتيل الأوضاع، والانفتاح والاستعداد للدخول في مفاوضات وعقد اتفاقيات جديدة، لأسباب عديدة (منها الخسائر)، فالقادم هو ليس في توازن هذا المحور.

ثالثاً، لم تكن إسرائيل لتوافق وتنتقل من خيار الحرب إلى خيار الاستيطان لو لم تحصل على ضمانات أميركية حاسمة. المفاوضات التي جرت في واشنطن وقادها وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية رون دريمر كانت أهم من المفاوضات التي جرت في بيروت، والاتفاق الإسرائيلي الأميركي أهم من اتفاق إسرائيل مع لبنان لأن أعطت إسرائيل ما أرادت من ضمان حرية حركة الجيش الإسرائيلي في لبنان، وهذا ما نص عليه الاتفاق في البند الرابع تحت الصيغة، حق لبنان وإسرائيل في ممارسة الدفاع عن النفس، أو في عرض على وجود آلية للتنفيذ المستمر للاتفاق تحت إشراف لجنة مراقبة برئاسة أميركية، والتي ستضمن التنفيذ الكامل للاتفاق وليس كما حدث بعد حرب تموز 2006 مع القرار 1701 الذي كان لم يتم تنفيذها. الأحكام الرئيسية للقرار 1701 هي: نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان (مثل حزب الله).

بيانات الربح والخسارة

لقد انتصرت إسرائيل في هذه الحرب بالنقاط، وليس بالضربة القاضية. وانتصرت بشن هجمات مؤلمة وقوية على حزب الله، واغتيال كافة قادته ووحدات النخبة وأعداد كبيرة من كوادره ومقاتليه، وتدمير خطوطه الأمامية ودفاعاته، وإخلاء محيطه من السكان، وتدمير مناطقه على نطاق واسع في الجنوب. لكن الضواحي ومنطقة البقاع فشلت في القضاء على التهديد المستقبلي، كما جاء في “عندما تتغير المعطيات ويتوقف الاتفاق”. ولم تحقق إسرائيل بعد هدفها الأول المتمثل في إعادة السكان من الشمال. وهذا الاتفاق يرفضه سكان المستوطنات الشمالية ولا يرون فيه ضمانة كافية للعودة، حتى لو أخرج حزب الله من الحدود.

أما حزب الله فقد خسر في الحرب الكثير لدرجة أن هذه الحرب أضعفته واستنزفت قوته وأرجعته سنوات إلى الوراء. حزب الله الذي يتحدث بلغة المنتصر منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سيدرك في الأيام المقبلة حجم وفظاعة ما حدث له، لكنه في هذه اللحظات ليس مستعداً بعد للاعتراف بالخسارة في وتظهر الأيام المقبلة أن ضعفه ليس فقط على مستوى الصراع مع إسرائيل، بل على المستوى الداخلي أيضاً.

وينص البند السابع من الاتفاق وأحكامه (أ – ب – ج) على أن تمنح السلطة اللبنانية حرية التنقل لقواتها المسلحة لمنع استيراد وإنتاج الأسلحة وتفكيك المنشآت ذات الصلة، بالإضافة إلى تفكيك جميع البنى التحتية والمنشآت العسكرية. المواقع العسكرية ومصادرة الأسلحة التي تتعارض مع الالتزام بالقرار الدولي.

فهل حزب الله على علم جيد بهذا الأمر؟ صحيح أنه لا يزال موجوداً ويمكن القول إنه صمد ولم يسقط، لكنها لا تستطيع أن تقول إنه انتصر ويرفع علامة النصر على الركام.

النتائج على الصعيدين الإقليمي والداخلي: النتيجة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار على المستوى الإقليمي: الفصل بين غزة ولبنان، وبين حماس وحزب الله، وحل الساحات و”إبطال” نفوذ حزب الله.

أما النتيجة الأولى لهذا الاتفاق على المستوى اللبناني، فهي تظهر في اتجاهين: الأول على الأرض، حيث يصبح الجيش اللبناني لاعباً أساسياً على الأرض ليس فقط في الجنوب بل في كل لبنان.

أما الاتجاه الثاني فهو سياسي، وهو ما سيفتح الملف الرئاسي على مصراعيه، ويدخل بعد الفراغ الطويل مرحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.


شارك