“أبو الغيط” يدعو للدفاع عن الأونروا .. وحملات دولية للتضامن مع “جوتيريش”
ونظرا لتصاعد الوضع في الشرق الأوسط، دعا أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة العمليات الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين والأونروا. وتأتي هذه الدعوة في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية، وتحديدا شمال قطاع غزة، تصعيدا عسكريا غير مسبوق، خاصة في جباليا، حيث تواجه المجتمعات المحلية أقسى أشكال القمع والتهجير.
ويتزامن هذا التصعيد مع تدهور الوضع الإنساني في غزة، حيث يعاني السكان من نقص الغذاء والمياه بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية. وبينما يركز العالم على أزمات أخرى، وخاصة الصراع في لبنان، تواصل إسرائيل تنفيذ عملياتها العسكرية في غزة وتواصل ارتكاب جرائم أخرى تساهم في سجلها المخزي في غزة، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني.
وقال جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن هدف العملية الإسرائيلية هو فصل شمال قطاع غزة عن بقية القطاع، وتخليصه من سكانه بشكل كامل، وتنفيذ خطة التهجير، مضيفاً أن إسرائيل وتنتهج قوات الاحتلال سياسة وحشية للغاية من خلال حرمان السكان من الإمدادات الضرورية من الماء والغذاء، فضلاً عن مهاجمة المرافق الصحية عمداً وهدم المباني بالأرض.
جرائم إسرائيل في لبنان وغزة
وحذر أبو الغيط من أن التوترات بين القوى الكبرى والعالم تدخل مرحلة جديدة من الحروب الإقليمية التي تشمل ثلاثة أطراف نووية، مما يزيد الوضع تعقيدا. وحدد ثلاثة مصادر رئيسية للصراع: أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي والشرق الأوسط.
وفي لبنان، تحاول إسرائيل استخدام دفاع المقاومة المشروع عن أراضيها كذريعة لتكثيف العمليات العسكرية، مما يهدد بإطالة أمد دورة الحرب. وشهدت المناطق الحدودية تصعيدا ملحوظا، حيث استهدفت الهجمات الإسرائيلية المراكز السكانية والمنشآت المدنية، ما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا.
وتستغل إسرائيل القلق العالمي إزاء الجرائم التي ترتكبها في غزة لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان، حيث تدعي أنها تحمي أمنها القومي. وفي هذا السياق، اتهمت المقاومة الإسرائيلية بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة، في حين تشير المعطيات إلى أن إسرائيل مسؤولة عن تصاعد العنف وانتشار الصراع.
وأدان أبو الغيط بشدة العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة شمال قطاع غزة، مؤكدا أن مئات الشهداء والجرحى سقطوا في هذه العمليات. وأشار إلى أن إسرائيل تستغل القلق الدولي بشأن جرائمها في لبنان لمواصلة هجماتها في غزة لأنها ترغب في فصل القطاع الشمالي عن بقية المناطق.
وقال أبو الغيط: “إن العملية الإسرائيلية تهدف إلى تهجير السكان في شمال قطاع غزة من خلال التهجير القسري واستخدام إجراءات وحشية تعطل الحياة اليومية للسكان، بما في ذلك منع الوصول إلى الغذاء والماء”.
الاستيلاء على مقر الأونروا
وفي سياق متصل، أدان أبو الغيط استيلاء إسرائيل على الأرض التي يقع عليها مقر وكالة الأونروا في القدس وتحويلها إلى بؤرة استيطانية. وأكد أن هذه الخطوة تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى تقويض دور وكالة الأونروا التي تلعب دورا حاسما في دعم اللاجئين الفلسطينيين.
وقال أبو الغيط: إن “إسرائيل تنتهج خطة مستمرة للقضاء على دور الأونروا وتصفيته”، معربا عن التضامن العربي الكامل مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تلعب دورا حاسما في دعم صمود الأونروا. في دعم الشعب الفلسطيني على أرضه ودعم اللاجئين في مناطق عملياتها الخمس.
وفي ردود الفعل العربية والدولية، أبدت العديد من الدول دعمها للأونروا. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: “الأونروا تمثل الأمل للعديد من اللاجئين الفلسطينيين، وعلى المجتمع الدولي دعمها وليس تصفيتها”.
كما دعا الممثل الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إلى “تحرك عاجل من قبل الدول الأعضاء لحماية الأونروا من الهجمات الإسرائيلية المستمرة”.
ودعا أبو الغيط المجتمع الدولي إلى الدفاع عن الأونروا في مواجهة ما أسماها “أشد حملات التصفية” التي تواجه المنظمة. وشدد على ضرورة بذل جهود عربية ودولية مشتركة لحماية حقوق الفلسطينيين وضمان حصولهم على المساعدات الإنسانية.
وقال أبو الغيط: “لن نسمح بإسكات صوت الحق وسنستمر في دعم الشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة”.
ونشرت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تقارير مفصلة توثق انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في غزة، ودعت إلى إجراء تحقيقات دولية مستقلة في هذه الجرائم. إلا أن هذه التقارير لم تجد آذانا صاغية في العديد من الدول الغربية التي فضلت تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية لحماية مصالحها الاستراتيجية من خلال الإشارة إلى أن إسرائيل تحاول القضاء على الفلسطينيين من خلال التصعيد المستمر للعنف والقتل، لافتا إلى ما يحدث في فلسطين. لا يمكن وصفها وهي أكثر من مجرد إبادة جماعية.
وتعليقا على منع سلطات الاحتلال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني من دخول قطاع غزة، أكدت أن “إسرائيل لا تريد شهودا على الإبادة الجماعية”.
تضامن دولي مع غوتيريش
وفي خطوة تعكس الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، أعربت 105 دول عن تضامنها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مواجهته مع إسرائيل. ووقعت هذه الدول على رسالة قدمتها تشيلي دعما لغوتيريش بعد أن وصفته إسرائيل بـ”الشخص غير المرغوب فيه” إثر إدانته للمجازر في فلسطين ولبنان.
وتلقت المبادرة التشيلية في البداية دعما من دول مثل البرازيل وكولومبيا وجنوب أفريقيا وأوغندا وإندونيسيا وإسبانيا وغويانا والمكسيك، ثم انضمت إليها دول أخرى حتى وصل العدد إلى أكثر من 100. وأشارت الرسالة إلى أن هذه الإجراءات “تقوض قدرة الأمم المتحدة على تنفيذ ولايتها التي تشمل التوسط في النزاعات وتقديم المساعدات الإنسانية”، وشددت على أن دور أنطونيو غوتيريش كان ضروريا لتعزيز الحوار وتعزيز السلام بين أطراف النزاع. .
من جانبهما، رفضت مصر والجامعة العربية هذه الحملات الإسرائيلية المنكرة، وشددتا على ضرورة محاسبة إسرائيل على جرائمها، ولم تتسامحا مع محاولات الضغط على المنظمات الدولية أو مسؤولي الأمم المتحدة للحد من جهودهم لكشف الحقيقة.
وأكدت مصر والجامعة العربية دعمهما الكامل للأمين العام للأمم المتحدة في جهوده الرامية إلى تحقيق العدالة ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية في غزة.