الأسمدة… «المتهم البرىء» فى ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة
قلة الغاز الطبيعي سبب قلة الأسمدة في السوق المحلي.. والشركات تحاول التصدير
نقيب المزارعين يحذر: الأزمة تنذر بموسم شتوي بـ« أسعار فلكية»
رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي : أسواق الأسمدة المجانية خارجة عن السيطرة ولا يوجد رقابة
أستاذ الاقتصاد الزراعي : قضية تحويل العملة وفرق السعر بين الغاز المحلي والمستورد نقاط خلاف بين الحكومة والشركات
وكيل وزارة الزراعة: أصحاب المزارع غذوا السوق السوداء
الغاز الطبيعي.. الكلمة المفتاح في أزمة الأسمدة المدعومة، إذ يشكل 60% من مكونات إنتاج الأسمدة بأنواعها المختلفة، وبلغ العجز في إنتاج المصانع نحو 40% خلال شهرين، لذلك ارتفع سعر الغاز الطبيعي. ارتفع سعر جوال الأسمدة من 310 جنيهات إلى 1300 جنيه منذ منتصف مايو حتى نهاية أغسطس بنسبة 85% في السوق المفتوحة، ووصل سعر طن الأسمدة إلى 20 ألف جنيه مقابل 4800 جنيه تكاليف الإنتاج. . بعد إعلان بعض المصانع توقف الإنتاج بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع تكاليف الإنتاج .
وتلزم الدولة مصانع الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجها لوزارة الزراعة بسعر مدعوم لسد احتياجات السوق المحلية. وفي المقابل يحصلون على الغاز الطبيعي “المدعوم” ويسمح لهم بتصدير الكميات المتبقية.
وناقش “الوفد” أزمة الأسمدة الزراعية في السوق الحرة ونسبة العجز في “ الأسمدة المدعومة” في التعاونيات القروية التابعة لوزارة الزراعة وحقيقة أن ارتفاع أسعار الأسمدة مرتبط بارتفاع أسعار الأسمدة. الخضار والفاكهة في الأسواق .
وفي شرح أسباب ارتفاع أسعار الخضار والفواكه قال المهندس أسعد المنادي وكيل وزارة الزراعة: إن ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي أثرا على إنتاجية بعض المحاصيل مما أدى إلى ارتفاع أسعارها. أسعار الخضار ، إضافة إلى نقص المعروض بين الدائرتين ، مع استمرار ارتفاع الأسعار، مثل: “الطماطم والكوسة والبطاطس”.
وأشار المهندس أسعد المنادي إلى أن أسعار الأسمدة ظلت مستقرة منذ تطبيق عملية الحوكمة وإصدار بطاقة الفلاح، وأوضح زيادة سعر شيك الأسمدة من 310 إلى 1300 جنيه ليتولىها أصحاب المزارع. ويقوم المزارعون بحصص الأسمدة المدعومة من الدولة ويبيعونها في السوق السوداء، مما يشير إلى أن هذا هو أحد الأسباب الرئيسية للأزمة.
وأوضح المنادي أن الأسمدة يتم توزيعها حسب نوعية المحصول والمساحة المزروعة، ويتم تحديد حصص الأسمدة من قبل مركز البحوث الزراعية. وأضاف أنه إذا كان المحصول ذرة، يأخذ المزارع 5 أكياس يوريا و7 أكياس نترات، حاثاً المزارعين على إدخال سماد الماشية في عملية “تسميد الأرض”، وزيادة الاعتماد على الأسمدة النيتروجينية تقليلها وخلطها في مزارع خاضعة للرقابة. الكميات دون الإفراط في الاستخدام .
نقيب المزارعين
وقال حسين أبو صدام، نقيب المزارعين، إن أزمة إمدادات الأسمدة مستمرة منذ عدة أشهر لكن هناك انفراجة في الأسمدة المدعومة قرب نهاية فصل الصيف، مضيفا أن وزارة الزراعة تتابع بانتظام وزاد ضخ الأسمدة للجمعيات الزراعية بنسبة 70%، ورغم ذلك ارتفعت أسعار الأسمدة في السوق الحرة بنسبة 85% مقارنة بتكاليف الإنتاج وأسعار ما قبل الأزمة.
وطالب حسين أبو صدام الدولة بحل أزمة الأسمدة قبل بداية فصل الشتاء حتى لا تتأثر المنتجات الزراعية وتزويد المصانع بالغاز مع إعادة تشغيلها بكامل طاقتها، مشيراً إلى أن العجز حالياً في الأسمدة المدعومة وصل إلى 30% وحتى بعد ضخ كميات كبيرة، حيث توقف الإنتاج لمدة 25 يوما، لم تنتج بعض المصانع، ولم تسلم أخرى حصصها المدعومة لوزارة الزراعة رغم دعم المصانع للغاز الطبيعي بسبب خلافات على سعر الصرف. حيث يشكل الغاز 60% من احتياجات الإنتاج .
وأوضح أبو صدام أن القطاع الزراعي المدعوم والسوق الحرة يحتاجان إلى 8 ملايين طن سماد نيتروجيني سنويا وتنتج الدولة 13 مليون طن سماد سنويا. السوق المحلي مكتفي ويتم تصدير 35% من الإنتاج ، وحدث عجز مع توقف بعض المصانع منذ أسابيع ، ما يشير إلى نقص سماد اليوريا حاليا .
أسعار الأسمدة
وتابع أن ارتفاع أسعار الأسمدة ليس السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الخضار والفواكه، إذ حدثت أزمة الأسمدة بعد زراعة موسم الصيف، وإنما هو أحد الأسباب، إلى جانب آليات العرض والطلب، التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وغياب الرقابة على الأسواق وعدم فرض الأسعار الإجبارية على الأسواق الزراعية .
الملح هو بديل للأسمدة
وذكر “أبو صدام” أنه بخصوص أزمة الأسمدة ، انتشرت شائعات مفادها أن المزارع استخدم الملح بدلاً من الأسمدة، وهذا الادعاء عار عن الصحة تماماً لأن الملح يحرق النبات. ما يحدث هو أنهم يطلقون على الأسمدة الكيماوية اسم “الملح” مع روث الماشية. كما أن الأسمدة العضوية “المخلفات الزراعية وروث الماشية” مفيدة للأراضي الزراعية ولكنها تمثل 50% من الإنتاج مقارنة بالأسمدة النيتروجينية .
وأوضح أن إنتاج طن واحد من الأسمدة باستخدام الغاز الطبيعي يكلف المصانع 4800 جنيه مصري. ووصل سعر الطن في السوق المفتوح إلى 20 ألف جنيه، بربحية نحو 15 ألف جنيه. ويعزى تراجع الإنتاج إلى نقص الغاز الطبيعي. واستياء أصحاب المصانع من سعر الغاز الطبيعي المدعوم المقدم من الدولة.
وأضاف أبو صدام أن الدولة تعمل بموجب بروتوكول مع تسعة مصانع للأسمدة لسد احتياجاتها من الغاز الطبيعي “المدعم” لعملية الإنتاج ، مقابل أن يذهب 55% من إنتاج هذه المصانع إلى وزارة النفط. الزراعة 10% للسوق الحرة و35% للتصدير.
الإصلاح الزراعي
كشف زهير ساري رئيس الجمعية العمومية للإصلاح الزراعي وصاحب مصنع للأسمدة العضوية، أن شهري يوليو وأغسطس يمثلان أعلى استخدام للأسمدة النتروجينية في فصل الصيف، وتزامن ذلك مع توقف مصانع الأسمدة لمدة 25 عاماً أيام، وبدأت المصانع بإبلاغ الجمعيات بعدم توريد الأسمدة لعدم توفر الغاز المدعوم من قبل الحكومة، وخطوط الإنتاج تعمل لساعات فقط.
وأضاف ساري أن الحكومة تدخلت نهاية أغسطس الماضي لحل الأزمة وأن المصانع بدأت في تسليم الأسمدة بشكل منتظم لوزارة الزراعة ولكن بكمية تعادل 70% من احتياجات السوق، مع تأخر التسليم عما كان مخططا له، بحسب ساري. وأضاف أن هناك أوجه قصور حيث أن المصانع متوقفة عن العمل لفترة طويلة من الزمن.
وذكر “ساري” أن هناك أسمدة عضوية بديلة تباع بسعر “مجاني” على شكل مركبات وعبوات مركزة وعناصر تكميلية تحل محل الأسمدة النيتروجينية ، بسعر يتراوح من 95 إلى 150 جنيها للعبوة وزن 900 جنيه جرام. لأنها تساعد النبات على إنتاج النيتروجين نفسه من عناصر التربة.
وأكد أن أسواق الأسمدة المجانية خارجة عن السيطرة ولا تخضع لأي رقابة وأن العملية بين الدولة ومصانع الأسمدة “مشروطة”، أي أن الحكومة مسؤولة عن توفير الغاز المدعوم مقابل الشركات التي تبيع 55% من إنتاجها . ويتم توزيعها بسعر مدعوم على أربعة قطاعات: الائتمان الزراعي، والاستصلاح الزراعي، والبنك الزراعي، والإصلاح الزراعي . أما النسبة المتبقية البالغة 45% من الإنتاج فيتم تصديرها أو توزيعها على السوق المحلية بسعر تجاري.
وأشار ساري إلى أن شركات الأسمدة مرتبطة بشركات قابضة أو شركات مساهمة (قطاع خاص) وتخضع لبروتوكول مقايضة 55% من الإنتاج بالغاز المدعوم، مؤكدا أن سماد النترات قليل في السوق المحلي. وبالتالي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني.
ونفى أن تكون أسعار الطماطم والخضروات قد ارتفعت بالأسواق بسبب أزمة نقص الأسمدة حيث أن المحاصيل الصيفية كانت تزرع قبل الأزمة. إلا أن ارتفاع الأسعار قد يكون بسبب نقص المنتجات بين المحاصيل والمحاصيل الأخرى ، وارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية التي تؤثر على إنتاجية المساحات المزروعة، كما هو الحال مع محصول “الطماطم” الذي يعتمد بشكل كبير على تأثر الحرارة، وتشمل متطلبات إنتاج الأسمدة النيتروجينية البذور والمبيدات الحشرية وهي جزء آخر.
الجمعيات الزراعية
وأشار إلى أن سعر الأسمدة النيتروجينية ثابت في الجمعيات الزراعية وهو 256 جنيها لـ«اليوريا» و251 جنيها لـ«النترات» ويتم التسليم وفق «بطاقة الفلاح». وشكك في صحة استخدام الملح بديلا عن الأسمدة ، ويستخدم الملح المخصص لـ”كبريتات الأمونيوم” بديلا عن الأسمدة النيتروجينية ، لكنها لا تصلح لأي محصول إذ أن هناك محاصيل تعتمد على النيتروجين في إنتاجها .
الاقتصاد الزراعي
دكتور. وقال جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي ، إن مشكلة الأسمدة ترجع إلى أن 60% من احتياجات الإنتاج تعتمد على الغاز الطبيعي وتوفره الحكومة للمصانع بسعر مدعوم ولكن أعلى من أسعار الغاز العالمية بسبب فروق سوق الأوراق المالية وتقلبات العملة غير المستقرة. ولذلك فإن مصانع الأسمدة لا تتعهد بتسليم 55% للدولة، بل تفضل التصدير.
وأضاف جمال صيام أن السعر العالمي للغاز الطبيعي انخفض وفي المقابل لم تقم الحكومة بتخفيض سعر الغاز المدعوم وأصبح الغاز العالمي أرخص من المصري، ولهذا توقفت المصانع عن الإنتاج للسوق المحلي ومنطقة السوق الحرة هناك. هناك العديد من شركات الأسمدة التي تقوم بإنتاج وتصدير واستيراد الغاز الطبيعي من الخارج. وأسعار الغاز في الخارج أقل من أسعار الغاز المدعوم، بالإضافة إلى أن سعر الصرف البالغ 48 جنيها يشجع الصادرات ويفضل السوق الخارجية على السوق المحلية.
وقال أستاذ الاقتصاد الزراعي إنه في عام 2022 استحوذ صندوق الثروة السيادي الإماراتي على حصة بنك الاستثمار الوطني في شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية بـ 271.6 مليون سهم من أسهم الشركة بسعر 1.44 دولار بقيمة إجمالية 391.9 مليون دولار أمريكي. . بالإضافة إلى الاستحواذ على حصة الخزانة في شركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) بإجمالي 45.8 مليون سهم بسعر 5.817 دولار وبقيمة إجمالية 266.6 مليون دولار، وبذلك ترتفع حصة الوزارة بنسبة 26% إلى 6 %.
وأوضح أنه في عام 2022، استحوذ صندوق الثروة السيادي السعودي على 19.82% من شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية بقيمة إجمالية 3.69 مليار جنيه، بالإضافة إلى 25% من أسهم شركة موبكو للأسمدة ، حصة مقسمة بينهما. موزعة: شركة الاستثمار الوطنية بمبلغ 12.81%، وحصة وزارة المالية بمبلغ 6%، وحصة جاسكو بمبلغ 5.72%، وجزء من مصر لتأمينات الحياة بمبلغ 0.47%. مؤكداً أن هذه النسب أثرت على كمية واردات الأسمدة للسوق المحلي.
وبحسب وزارة الزراعة، تنتج مصر ما بين 6.5 و7 ملايين طن من اليوريا سنويا ، لتحتل المركز السادس عالميا، وتمثل نحو 4% من الإنتاج العالمي، أي ما يعادل 170 مليون طن سنويا .
كما تحتل مصر المركز الثامن على مستوى العالم بين الدول الأكبر استهلاكًا للأسمدة النتروجينية بكمية تبلغ حوالي 3.5 مليون طن يوريا مكافئ سنويًا ، والرابع بين الدول الأكبر على مستوى العالم بكمية تبلغ حوالي 4.5 مليون طن. تصدير أسمدة اليوريا سنويا والتي تمثل حوالي 9% من إجمالي التجارة الدولية.