الجارديان: متى تنتهي الفظائع الإسرائيلية رغم مرور عام على طوفان الأقصى؟
تساءل المحامي الفلسطيني رجا شحادة، مؤسس مؤسسة “الحق” الرائدة في مجال حقوق الإنسان والتابعة للجنة الحقوقيين الدولية، في مقال رأي بصحيفة “الغارديان” البريطانية عن توقيت نهاية الفظائع الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بعد عام لقد مر على هجمات 7 سبتمبر أو كما يطلق عليها الأقصى.
وأوضح شحادة أنه في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، عندما بدأ القصف العنيف على المدنيين، خطرت في ذهنه فكرة: كيف سيعيش الفلسطينيون مع الإسرائيليين بعد ذلك؟ وبعد مرور اثني عشر شهراً، ومع استمرار عمليات القتل والدمار بلا هوادة في غزة، وسعت إسرائيل الصراع إلى الضفة الغربية حيث قتل أكثر من 700 فلسطيني، وتصاعدت الهجمات في لبنان وإيران، أصبح السؤال أكثر إلحاحاً.
وأضاف شحادة أن العديد من الفظائع ارتكبت خلال الاثني عشر شهرا الماضية، بدءا بمقتل 1200 جندي ومدني إسرائيلي على يد الفلسطينيين في طوفان الأقصى، ثم مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 17 ألف امرأة وطفل. و287 مساعدا و138 صحفيا وإعلاميا من خلال الجيش الإسرائيلي. ولكن هذا لا يشمل أولئك الذين ما زالوا تحت أنقاض ثلثي المباني المتضررة أو المدمرة في غزة.
وتابع شحادة أن إسرائيل اعتقدت أن بإمكانها إخفاء هذه الفظائع عن العالم من خلال تقييد وصول الصحفيين ومنع الغرباء من التغطية المستقلة في غزة، مما يجعل من السهل تجاهل الروايات الفلسطينية عن الأحداث، وعدد القتلى، وما شابه ذلك من أسئلة حول مدى القمع. ضرر. ولإثارة المزيد من الشك، فإن حصيلة القتلى الكبيرة عادة ما تكون مصحوبة بالتحذير، “إن وزارة الصحة التي تديرها حماس تدعي ذلك”.
وأوضح أن هذا الاعتقاد دفع الجيش الإسرائيلي إلى التصرف بقسوة وقسوة، مما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين في غارات جوية فردية، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استهدف زعيم حماس يحيى السنوار كهدف أساسي، سواء بالقتل أو الاعتقال بالحرب، السعر الذي لم يعتبر مبالغا فيه.
لكن في الوقت نفسه، لم تستخدم إسرائيل قنابل دقيقة التوجيه عندما حصلت على معلومات عن مكان وجود السنوار، بل استخدمت بدلاً من ذلك قنابل زنة 900 كيلوغرام قتلت وجرحت مئات الفلسطينيين الأبرياء. وحدث ذلك عدة مرات العام الماضي، بحسب شحادة، واستمر حتى بعد أن توقفت الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بهذا النوع من القنابل بسبب استخدامه في مناطق مدنية.
وأشار إلى أن هذه الأحداث أجبرت فلسطينيي غزة، ومعظمهم لاجئون من البلدات والقرى التي أصبحت جزءا من إسرائيل عام 1948، على النزوح عدة مرات، حيث تعامل إسرائيل السكان كممتلكات يمكن التخلص منها ويمكن أن تتحرك بحرية. وفي الأشهر التي تلت فيضان الأقصى، تم تهجير جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريباً من منازلهم.
وأشار إلى أنه اعترف في بداية الحرب بأنه لم يأخذ على محمل الجد التصريحات الأولية التي أطلقها المتشددون الإسرائيليون، مثل وعدهم بتحويل غزة إلى صحراء غير صالحة للسكن، ووصفهم للفلسطينيين بعبارات غير إنسانية. وكما أظهرت الأحداث، فقد كانوا يقصدون تلك الكلمات، والآن جعلوا قطاع غزة غير صالح للسكن فعلياً، وتحققت تلك التحذيرات الرهيبة.
وتابع قائلا: “ما لم أدركه أيضا هو أنه بمجرد أن يفلت قادة اليمين من مثل هذه الفظائع في غزة، فإنهم سينتهزون الفرصة لملاحقة جرائم مماثلة في الضفة الغربية والآن في لبنان”. لتدمير البنية التحتية للمخيمات والمدن في الضفة الغربية.” واستخدموا طائرات بدون طيار لقتل الفلسطينيين من الجو، تماما كما يفعلون في قطاع غزة.
وأضاف أن أحد التطورات التي كان يعلق عليها آمالا كبيرة في وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب كانت قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في لاهاي، حيث شعر بفرحة كبيرة في البيان الصحفي الذي أصدرته المنظمة في 20 مايو والذي جاء فيه أنه “عصر الإفلات من العقاب” وأضاف: “لقد انتهى الأمر بالنسبة لصناع القرار في إسرائيل”، لافتا إلى أن ذلك كان تفاؤلا كاذبا، لأن القادة الإسرائيليين لم يتراجعوا حتى الآن.
وأشار إلى أنه بالنسبة للإسرائيليين، فإن أحداث 7 أكتوبر من العام الماضي تشبه ما أسماه الطبيب النفسي فاميك فولكان “الصدمة المختارة”، والتي وصفها بأنها حدث يوحد شعور المجتمع بذاته، حتى عندما تكون هناك إمكانية للشفاء والسلام.
ومع ذلك، فإن أحداث 7 أكتوبر ليست “الصدمة المختارة” الوحيدة في ماضي إسرائيل المضطرب. كثيرا ما تصف إسرائيل العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بأنها محفوفة بالصدمات التي لا تُنسى أبدا، وتستخدم “لإضفاء الشرعية على قتل الفلسطينيين كأداة فعالة للحفاظ على دولة يهودية آمنة وإعداد الشباب الإسرائيلي ليكونوا جنودا جيدين” و”ل مواصلة ممارسات الاحتلال”، كما تزعم البروفيسورة الإسرائيلية نوريت في دراستها الصادرة عام 2010 بعنوان “إضفاء الشرعية على المجازر في كتب التاريخ الإسرائيلية”.
كما أن هناك فرصة ضئيلة لأن يستيقظ الشعب الإسرائيلي ويدرك الضرر الذي ألحقه بالفلسطينيين في الماضي والحاضر. في شهر مايو الماضي، وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 39% من الإسرائيليين يعتقدون أن الرد العسكري الإسرائيلي ضد حماس في غزة كان صحيحا، بينما قال 34% إنه لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية و19% فقط يعتقدون أنه ذهب بعيدا جدا. حواسه بعيدة.
وكشف أنه لا يوجد أمل أيضًا في أن ينحسر اتجاه الدعم غير المشروط لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة في أي وقت قريب، أو أن تبدأ الحكومة الأمريكية في إدراك أن الدعم غير المشروط لإسرائيل هو تدمير ذاتي، علاوة على ذلك، ضار بإسرائيل. إسرائيل تكون مكلفة للغاية.
وقال إنه رغم كل هذا تبقى الحقيقة المؤلمة أن الفلسطينيين هم محور القضية. وحتى بعد مرور 57 عاماً منذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان: “لقد أصبحنا الآن إمبراطورية”، تظل إسرائيل غير قادرة على تحقيق السلام بسبب رفضها المستمر للاعتراف بحق تقرير المصير للفلسطينيين.
وأشار إلى أن اقتصاد إسرائيل عانى كثيرا بعد القتال على عدة جبهات وأن الاعتماد على الدعم من الولايات المتحدة لا يزال قائما وأنه سيتبين قريبا أن إسرائيل يجب أن تستمر في خوض حرب تلو الأخرى وإبقاء الدولة تحت السيطرة ستبقى تحت السيطرة. الحصار إلى الأبد إذا واصلنا السير على هذا الطريق.
وختم مقاله بالقول: “فقط عندما تدرك إسرائيل أن تكلفة تدمير الفلسطينيين مرتفعة للغاية، سوف تجد الدولتان طريقة للعيش معًا في سلام”.