وزيرة التخطيط تناقش تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي لتمويل التنمية في اجتماع موسع ومهم

عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، اجتماعًا موسعًا مع مجموعة شركاء التنمية. ترأس الاجتماع المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر والاتحاد الأوروبي، وحضره 40 ممثلًا عن وكالات الأمم المتحدة وشركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين.
ويهدف الاجتماع إلى مناقشة آليات تنفيذ نتائج المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية الذي عقد في إشبيلية بإسبانيا ويمثل معلما تاريخيا في حوكمة التمويل العالمي والعمل التنموي المتعدد الأطراف.
خلال الاجتماع، رحّبت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بمجموعة شركاء التنمية. واستهلت الاجتماع بشكر مملكة إسبانيا على استضافتها وتنظيمها للمؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، وعلى المشاركة الفاعلة لممثلي الحكومة في إنجاحه.
أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية يُمثل أول توافق دولي حكومي دولي حول إطار شامل لتمويل التنمية منذ اعتماد خطة عمل أديس أبابا عام ٢٠١٥. وقد أفضى المؤتمر إلى اعتماد وثيقة ختامية طموحة، هي “التزام إشبيلية”. ويأتي هذا في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية العالمية، والحاجة المُلحة لإعادة النظر في النظام المالي العالمي وآليات تعبئة موارد التنمية للدول النامية. وتُسهم هذه الوثيقة في إصلاح المؤسسات المالية الدولية، وتوسيع التعاون متعدد الأطراف، وتوسيع الحيز المالي للدول النامية والناشئة.
وأضافت الدكتورة رانيا المشاط أن الوثيقة الختامية، “التزام إشبيلية”، تُقدم رؤية شاملة ومتكاملة لتحسين قدرة الدول النامية على الحصول على التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتُركز على ثلاث أولويات رئيسية: تعزيز الاستثمار المستدام على نطاق واسع.
وأشارت المشاط أيضًا إلى أن معالجة أزمتي الديون والتنمية من أهم أولويات الوثيقة. وأكدت على أهمية الاستجابة المتكاملة لأزمة الديون التي تواجه العديد من الدول النامية والأقل نموًا، والتي تُعيق جهود التنمية. ودعت إلى إدخال أدوات مبتكرة، مثل آليات مبادلة الديون، وإعادة هيكلة النظام المالي العالمي لجعله أكثر إنصافًا وشمولًا وتمثيلًا، وكي يستجيب بفعالية لاحتياجات الدول النامية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين حوكمة المؤسسات المالية الدولية، وتعزيز دور الأمم المتحدة في وضع القواعد الاقتصادية العالمية، والتأكيد على أهمية استدامة الدين، وتحديث أسس حساب تحليلات استدامة الدين.
وقالت إنه تم الإعلان خلال المؤتمر عن العديد من المبادرات العالمية متعددة الأطراف الهادفة إلى ترجمة التزامات إشبيلية إلى إجراءات ملموسة. ومن أهمها أدوات خفض الديون، ممثلةً في مركز مبادلة الديون الذي يقوده البنك الدولي وإسبانيا، والذي يهدف إلى تعزيز القدرات المؤسسية للدول على التفاوض بشأن اتفاقيات مبادلة الديون بمشاريع التنمية، وبرنامج إيطاليا لمبادلة الديون الأفريقية. كما أشارت إلى مبادرات إصلاح النظام المالي الدولي، بما في ذلك المنصات الوطنية التي تقودها مصر. واستشهدت في بيانها الختامي بتجربة مصر في إنشاء منصات وطنية، مثل منصة “نوفي” في مصر، ومنصة جنوب أفريقيا، كنموذج للمنصات الوطنية لتعزيز الاستثمار في المناخ.
أكدت المشاط أن من أبرز مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية تمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بدور فعال في تمويل التنمية وحشد الاستثمارات الأجنبية للدول النامية، إلى جانب مبادرات تعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي. وأكدت على ضرورة تفعيل مفهوم “السلع العامة العالمية” لدعم جهود الدول النامية في تمويل مشاريع التنمية البشرية والتخفيف من آثار تغير المناخ.
وأشارت إلى أن مصر ترحب باستضافة الجلسات الافتتاحية لمنتدى المقترضين ومركز المعلومات المشتركة، بما يتماشى مع توصيات فريق الخبراء التابع للأمين العام للأمم المتحدة.
وأشارت المشاط إلى الدور القيادي لمصر في إحدى أهم المبادرات التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر، وهي تطبيق نهج كل دولة على حدة لتمويل المناخ والتنمية، إلى جانب جنوب أفريقيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
كما ناقش الاجتماع التحضيرات لاجتماع مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا في يوليو، حيث سيتم مناقشة آليات التنمية العالمية. وأضافت أن مصر، خلال مشاركتها في المؤتمر، أبرزت نجاحها في تطوير وتطبيق نماذج وطنية مبتكرة لحشد التمويل من أجل التنمية. وتمثلت هذه النماذج في الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية، التي عرضت فيها مصر تجربتها في تطبيق هذا الإطار. وتهدف الاستراتيجية إلى مواءمة الاستثمارات الوطنية والإصلاحات الاقتصادية مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، مع التركيز على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والصرف الصحي والنقل والاستدامة البيئية والمساواة بين الجنسين.
خلال المناقشات، أشادت الحكومة الإسبانية، بصفتها الدولة المضيفة للمؤتمر، بجهود مصر ومشاركتها الفاعلة في مختلف فعاليات مؤتمر إشبيلية، بما في ذلك مناقشات المائدة المستديرة حول أزمة الديون. كما أعلنت عن تعاونها الوثيق مع مصر في إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتنفيذ الإطار المتكامل لتمويل التنمية. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الحوكمة المالية وتعبئة التمويل من أجل التنمية المستدامة.
من جانبه، أكد البنك الدولي التزامه بدعم خطط التنمية الوطنية في مصر، مع التركيز على تعزيز قدرة البلاد على دفع عجلة التنمية الاقتصادية من خلال النمو وتوفير فرص عمل مستدامة. كما أكد على أهمية تمكين القطاع الخاص من دفع عجلة التنمية بفعالية أكبر من خلال إعادة توجيه موارده نحو أولويات التنمية الوطنية.
في هذا السياق، أشاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمشاركة مصر الواسعة في المؤتمر، لا سيما في الفعاليات الجانبية المتعلقة بتخفيف أعباء الديون. وأشار إلى أن مصر تُنفذ هذه المبادرة حاليًا بالتعاون مع الحكومة الإسبانية، متبعةً ثلاثة محاور رئيسية: التنفيذ الوطني، وتعزيز المالية العامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعبئة رأس المال الخاص. كما نوّه البرنامج بمشاركة مصر في مبادرات تمويل المناخ والتنمية العالمية القائمة على أولوياتها.
ساهمت وكالات الأمم المتحدة في أولوياتها القطاعية لدعم التنمية في مصر. وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) على أهمية تحسين جودة الإنفاق، واعتمدت الوثيقة الختامية عدة توصيات بشأن الحماية الاجتماعية، لا سيما في مجالات التعليم وتنمية الطفولة المبكرة. واستُشهد بمبادرة “شباب بلد” كنموذج عملي لربط التعليم بالتوظيف. وأشادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بدور مصر في تحقيق الأمن الغذائي، بينما أضاف برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) أن تعزيز النظم المالية المحلية أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة والشاملة. وسلط برنامج الأغذية العالمي الضوء على تجربة مصر الناجحة في مجال مبادلات الديون، وشدد على أهمية تكييف أدوات التمويل مع احتياجات المواطنين ونقل هذه التجارب إلى دول أخرى.