لماذا يقوم لاعبو كرة القدم بالبصق بالماء الذي يتناولونه؟

ليس من قبيل المصادفة أن يبصق لاعبو كرة القدم جزءًا كبيرًا من الماء الذي يشربونه على أرض الملعب، وحتى الطاقم الفني والطبي يشجعونهم على القيام بذلك.
أثناء استراحة اللعبة، يرفع أحد اللاعبين زجاجة ماء، ويسكب محتوياتها في فمه، ويمتصها لبضع ثوانٍ قبل أن يبصقها بالكامل.
البصق ليس ظاهرة موضة أو ذوق خاص بلاعبي كرة القدم. وفي الواقع، فإن هذه الممارسة لها تفسير علمي واضح، ومعروف لدى الرياضيين ومديريهم، بحسب تقرير مطول نشرته صحيفة “ليكيب” الفرنسية.
ماذا يقول خبراء التغذية؟
يناقش ميشيل مارتينو، أخصائي التغذية الرياضية الذي عمل مع أندية كرة القدم الفرنسية منذ عام 2012، هذه الظاهرة وسبب انتشارها على نطاق واسع، خاصة خلال بطولتي كأس العالم الأخيرتين في روسيا وقطر.
“أولاً، علينا أن نعلم أن زجاجات مياه اللاعبين لا تحتوي عادةً على مياه نقية. إنها مياه سكرية، أي مشروبات جلوكوز تحتوي على ما بين 40 و60 غرامًا من الجلوكوز لكل لتر من الماء”، كما قال مارتينو.
وتابع: “هذه المشروبات الرياضية، عند استخدامها بشكل صحيح، يمكن أن يكون لها تأثير منشط على جسم الرياضي. وتتجلى تفردها في عدم وجوب تناولها بمفردها، لتكون فعالة في إطار جهد أقصر، مثل جهد لاعب كرة القدم (جولتان مدة كل منهما 45 دقيقة في وقت قصير)”.
“مشروب الجلوكوز، الذي يتم الاحتفاظ به في الجسم لبضع ثوان، ثم يطلق تأثيرات على مستوى الدماغ، مثل المسامير، التي تعمل على تحسين الأداء البدني في الجهود قصيرة الأمد”، كما يوضح مارتينو، الذي عمل مع أولمبيك ليون وباريس سان جيرمان وستاد ريمس في السنوات الأخيرة.
آلية الخداع
بدوره، يشرح نيكولاس أوبينو، خبير التغذية الرياضية السريرية، مفهوم آلية الخداع على النحو التالي: “من خلال الغشاء المخاطي للفم، ترسل الخلايا العصبية معلومات إلى الجسم بأن الطاقة قادمة. ونتيجة لذلك، لا تأتي هذه الطاقة، ولكن هذا ليس مهمًا”.
وأضاف أوبينو أن “العضلات ترسل إشارات إلى الجسم تشير إلى اقتراب تناول الكربوهيدرات، ويتم تحفيزها تلقائيا”.
يعمل هذا التأثير الوهمي، المبني على مبدأ نظام المكافآت، على زيادة الدافعية وتنشيط جسم الرياضي في فترة قصيرة من الزمن، وبالتالي تقليل الشعور بالجهد والتعب.
لكن السؤال هو لماذا لا يشرب الرياضي المحلول؟
“يمكن للاعبين شرب كمية قليلة، لكن عليهم بصق معظمها لتجنب الإفراط في الهضم. كلما زادت الطاقة التي يبذلونها، قلّت المساحة المتاحة لمعدتهم، لذا فإن الإفراط في الشرب قد يسبب الغثيان أو القيء”، كما قال نيكولاس أوبينو.
دعم الجهاز التنفسي
واصل ميشيل مارتينو تعليقه الفكاهي: “إذا شربوا المحلول، فلن يكون له أي فائدة. أولئك الذين يشربونه لن يفهموا شيئًا”.
بالإضافة إلى التفسير الأول الأكثر شيوعًا، قد يبصق اللاعبون الماء لسبب أبسط، كما يوضح نيكولاس أوبينو: “أثناء النشاط الشاق، يصبح المخاط الزائد الخارج من الشعب الهوائية إلى الفم أكثر لزوجة ويصعب بلعه. عندها، يُستخدم الماء فقط لشطف الفم وترطيبه”.
وأخيرًا، قد يبصق اللاعب الماء بسبب ضيق التنفس بعد بذل جهد كبير لأن: “يصبح البلع صعبًا للغاية عند معدل التنفس الأقصى ووضع أي شيء في فمك يمنع دوران الهواء المناسب لتزويد الجسم بالأكسجين”، يؤكد ميشيل مارتينو.