ضغوط ترامب على الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة “الأكثر تطرفًا” في تاريخ الرؤساء الأمريكيين

منذ 5 ساعات
ضغوط ترامب على الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة “الأكثر تطرفًا” في تاريخ الرؤساء الأمريكيين
  • ديكسون استدعى مسئولي البنك 34 مرة وتسبب في ارتفاع التضخم 16% في العقد التالي

  • «ريجان» عالج الأزمة الاقتصادية الطاحنة بخفض الضرائب وأوباما حصل على استثناء للطلبة

شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حربا شرسة على جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي)، بسبب رفض الأخير خفض سعر الفائدة، طالما ظل التضخم مرتفعا، لدرجة أن ترامب بدأ في إجراء خطوات تستهدف عزل باول، لكن تبقى محاولات تأثير رؤساء الولايات المتحدة على محافظي البنوك المركزية ليست بجديدة، لكن ترامب يبدو «الأكثر فجاجة».

وثبت الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة في آخر اجتماع (الأسبوع الماضي)، رغم أنه بدأ سياسة تخفيض منذ العام الماضي، وكان من المتوقع خفض أسعار الفائدة قصيرة الأجل في اجتماع السياسة النقدية المقرر في منتصف يونيو، كما تُظهر سوق العقود الآجلة أنه بحلول نهاية العام سيكون البنك المركزي قد خفّض مستهدفه لسعر الفائدة الفيدرالي بمقدار 75 نقطة أساس إلى 100 نقطة أساس.

غير أن باول نسف هذه التوقعات، مشيرا إلى أن سياسات الرسوم الجمركية التي اتبعتها إدارة ترامب ستضغط على الأسعار وتدفعها إلى الارتفاع، وتؤثر سلبا على النمو، ما قد يجبر الفيدرالي على أن يحيد عن أهدافه المتعلقة بالتوظيف الكامل واستقرار التضخم، وقال: “أعتقد بشدة أننا سنحيد عن هذه الأهداف، ربما لبقية العام الجاري”.

ودفع ذلك ترامب إلى حالة هياج، موجها السباب والاتهامات لـ«باول» ومعه الرئيس السابق جو بايدن، طارحا رؤية اقتصادية غريبة غير قائمة على أي أسس.

فمن المعروف في أبجديات علم الاقتصاد، حتى للمبتدئين في دراستهم، أن خطر التضخم على أي اقتصاد يفوق أية أزمات أخرى، وعدم استهداف التضخم، لا يلحق الضرر بالنمو والاستثمار فحسب، لكنه قد يهدد السلم الاجتماعي والأمن القومي بسبب إثارة غضب الشعوب.

وطالب ترامب، مساء الاثنين باول بخفض أسعار الفائدة، ما أدى إلى هبوط المؤشرات الرئيسية في وول ستريت عند الفتح، وسط مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي، أزعجت المستثمرين القلقين إزاء الحرب التجارية المتصاعدة.

وقال ترامب في تغريدة على “تروث سوشيال”: “تتزايد الدعوات الآن لخفض استباقي في أسعار الفائدة، فمع تراجع تكاليف الطاقة وانخفاض أسعار المواد الغذائية (بما في ذلك كارثة البيض في عهد جو بايدن!)، مايعني أنه لا وجود للتضخم، ومن المستحيل أن يكون هناك تضخم مع هذه التراجعات”.

وأضاف: “لكن من الممكن أن يتباطأ الاقتصاد ما لم يقم السيد متأخر دائماً (في إشارة إلى باول)، وهو فاشل كبير، بخفض أسعار الفائدة الآن.. هو دائماً ما يأتي متأخرا، باستثناء وقت الانتخابات، حين خفّض أسعار الفائدة لمساعدة جو بايدن النائم، ثم لاحقاً مساعدته كامالا هاريس، على الفوز بالانتخابات. فكيف كانت نتيجة ذلك؟”.

ضغوط مشابهة مارسها معظم رؤساء أمريكا السابقين على مسئولي الاحتياطي الفيدرالي، كما قال الأستاذ المساعد في جامعة ماريلاند، توماس دريكسل، في بحث حديث.

وعلى سبيل المثال، كما يوضح في بحثه، فإن الضغط السياسي الذي مارسه الرئيس السابق ريتشارد نيكسون على الاحتياطي الفيدرالي عام 1971، عندما التقى بمسؤوليه 34 مرة، أدى إلى زيادة تقديرية في مستوى الأسعار بنسبة 16 خلال العقد التالي.

وقال دريكسل: “في الستينيات والسبعينيات، أدى ضغط الرؤساء على الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع التضخم وتوقعاته، مما يعني أن التضخم أصبح راسخًا للغاية”.

كما لاحظ دريكسل الضغط السياسي على الاحتياطي الفيدرالي خلال إدارة باراك أوباما، على الرغم من أنه كان أقل مما كان عليه في العقود السابقة.

ولم يعمل أوباما على إجبار الاحتياطي لخفض سعر الفائدة، رغم قناعاته المتعلقة بتسهيل الإنفاق على التعليم، وعالج هذه المسألة بطريقة أخرى.

ففي عام 2011، عمل الرئيس مع الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس لتأمين تمديد لمدة عام واحد لمنع تضاعف سعر فائدة قروض الطلاب إلى 6.8%.

واقترحت ميزانية الرئيس للسنة المالية 2014 أن يسن الكونجرس حلا طويل الأجل يخفض أسعار الفائدة على جميع القروض الجديدة تقريبًا، ويضمن حصول جميع الطلاب على خيارات سداد ميسرة، ولا يفرض عليهم أسعار فائدة أعلى لتغطية تكاليف خفض العجز، وفق “أوباما وايت هاوس أرشيف”.

وأوضح دريكسل أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي مؤسسة غير ديمقراطية، وهذا يحدث عمدًا، لأنك لا تريد أن ينحني الاحتياطي الفيدرالي أمام الرأي العام. عليهم القيام بعملهم، حتى لو لم يكن يحظى بشعبية، وهذا يعني أنه إذا صوَت الناخبون لرئيس يمارس نفوذهم على الاحتياطي الفيدرالي، فسيكون لذلك عواقب وخيمة”، وفق موقع “ميرلاند توداي”.

وعندما أدى رونالد ريجان اليمين الدستورية رئيسًا لأمريكا الأربعين في 20 يناير 1981، كانت البلاد تمر بفترة اقتصادية هي الأشد قسوة منذ الكساد الكبير. كانت الضرائب والبطالة وأسعار الفائدة مرتفعة، والروح الوطنية متدنية.

لم يعمل ريجان، الحاصل على شهادة في الاقتصاد من كلية يوريكا، على سعر الفائدة، كما يركز ترامب حاليا، بل طرح سياسة اقتصادية تهدف إلى الحد من القيود الحكومية، وخفض الضرائب، وتعزيز رأسمالية السوق الحرة كوسيلةٍ لتحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الثروة الفردية.

وكان قد دعا باستمرار خلال حملته الانتخابية إلى خطة واضحة وبسيطة، لكنها مفصلة في آن واحد: خفض الضرائب، والسيطرة على الإنفاق الحكومي، وإبعاد الحكومة عن الطريق لإطلاق العنان لروح المبادرة لدى الشعب الأمريكي، وفق “ريجان فند أورج”.

وعلى الرغم من أن المشككين وصفوا خطته بـ”ريجانوميكس”، إلا أن ريجان ظل ثابتًا على موقفه، مدركًا أن تمكين الأفراد بالموارد المالية وحوافز الاستثمار سيؤدي إلى خلق فرص العمل، والسيطرة على التضخم، وخفض أسعار الفائدة، دون ضغط على الاحتياطي الفيدرالي.


شارك