أنقذونى..المعالم الأثرية.. كنوز الأجداد..وإهمال الأحفاد
المعالم الأثرية كنوز لا تقدر بثمن، تعكس تاريخ وثقافة وحضارة الشعوب التي تعيش هناك. إلا أن الإهمال الذي يحدث في هذه المناطق يعتبر تهديدا خطيرا للمعالم والآثار التاريخية، مما يؤدي إلى فقدان الهوية الثقافية وتدمير التراث الذي يشكل جزءا أساسيا من تراث الإنسانية، بالإضافة إلى … وتأثيرها على الاقتصاد المصري.
تعاني العديد من المناطق الأثرية في العديد من محافظات الجمهورية من الإهمال الشديد سواء بسبب عدم رصف الطرق المؤدية إليها أو بسبب تعرضها للنهب من قبل بعض الأهالي، بالإضافة إلى مناطق أخرى اختفت من حسابات المسؤولين وأصبحت وقعوا ضحية الإهمال وانتشار القمامة، الأمر الذي يتطلب بذل جهود جادة لحماية المواقع الأثرية والحفاظ عليها والحفاظ على التاريخ الإنساني المشترك.
ويشكل الحفاظ على المناطق الأثرية تحدياً كبيراً يتطلب تعاوناً شاملاً من كافة الجهات المعنية، بما في ذلك المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية والمتطوعين، من خلال رفع الوعي بأهمية الحفاظ على المناطق الأثرية وتركيز الجهود على الحماية والترميم. لضمان الحفاظ على هذا التراث الثقافي القيم للأجيال القادمة.
الفيوم
مدينة من الماضي… حضارة منسية
تعتبر مدينة ماضي القديمة من أهم المدن الشاهدة على كافة فترات التاريخ المصري القديم. تقع في وسط مدينة إيتسا، على بعد 25 كيلومترًا من مدينة الفيوم.
وعلى الرغم من أهمية المدينة التاريخية، إلا أنه لا يوجد حتى الآن طريق للوصول إليها، ولا يوجد سوى “طريق” ترابي غير مناسب للمركبات.
يضطر الزائر لمدينة ماضي الأثرية إلى سلوك الطرق المتهالكة التي تمر عبر قرى أبو عش إلى قرية أبو داهوم للوصول إلى مدينة ماضي الأثرية. كما يمكن الوصول إليها عبر طريق بيئي ترابي يربط المنطقة الممتدة من مدينة ماضي الأثرية إلى محمية وادي الريان التي تضم منطقة وادي الحيتان والشلالات والبحيرة المسحورة والجبل المدور.
وقد تم طرح عدد من المقترحات مؤخرًا لإيجاد طريق ينصف قيمة المدينة الأثرية. وتشمل هذه الطرق طريق بحر النزلة الذي يبدأ عند كوبري أبو النور ويمر ببحر البنات وعدد من العزب والقرى حتى مدخل عزبة أبو ديهوم، وكذلك طريق بحر البشوات- الطريق يبدأ من طريق الصعيد الصحراوي. أما الجانب الغربي فيقع على الجانب الأيمن من بحر الباشوات حتى يصل إلى المدينة.
تاريخ مدينة مادي القديمة عبر العصور
تتمتع المدينة بتاريخ طويل يمتد لآلاف السنين، حيث بدأ منذ حوالي 4000 عام. وخلال عمرها الطويل، حدثت عدة أحداث حتى احتلت أخيرًا مكانًا بارزًا على خريطة مصر الأثرية، حيث بدأت ولادة مدينة ماضي خلال فترة الدولة الوسطى عام 2123 قبل الميلاد. ق.م – 1778 ق.م ق.م. مع إنشاء قرية تسمى (جيا) ضمن أعمال الاستصلاح الزراعي في منطقة البحيرة (الفيوم حاليا) ومع بناء معبد عام 1842 ق.م. قبل الميلاد على يد أمنمحات الثالث. بدأت – 1794 ق.م. ق.م وعلى يد خليفته أمنمحات الرابع عام 1794 ق.م. – 1785 ق.م مكتمل.
خصص هذا المعبد لعبادة الكوبرا (رننوت) والتمساح (سوبك) إله منطقة البحيرة بأكملها وإله عاصمتها شديت، والتي أصبحت فيما بعد (كريكوديلوبوليس) الإله حورس الذي عاش في شديت، وهو أحد صور الإله سوبك. وهو المعبد الوحيد الذي نجا في مصر من عصر الدولة الوسطى والدولة الحديثة على مدار سبعة قرون. وقد هجر السكان تدريجياً المدينة ومعبد الفرعون، مما أدى إلى فقدان المعبد أهميته بعد تغطيته بالرمال و تم تدمير أجزائه.
أما العصر البطلمي (القرن الرابع – القرن الأول قبل الميلاد): فقد استعادت منطقة الفيوم أهميتها في عهد بطليموس الثاني وخلفائه. وفي القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد. وفي القرن الرابع قبل الميلاد تأسست مدينة “جيا” تحت الاسم اليوناني نارموث (مدينة رنوت – هرموتيس)، حيث يوجد معبد أمنمحات الثالث. وتم ترميم وإعادة بناء المعبد من جهة الجنوب والشمال عن طريق إضافة معبد جديد وبناء سور طويل حول أرض المعبد. وتم إنشاء شارع احتفالي عثر فيه على تماثيل لأسود وأبي الهول مصغرة تشبه إلى حد كبير شارع الكباش في معبد الكرنك بالأقصر، ومن هنا أطلق الكثيرون على المنطقة اسم “الأقصر الفيوم”.
وظلت المدينة حية ومزدهرة في العصر الروماني حتى أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الميلادي، عندما سقطت في الغموض مرة أخرى حيث غادر السكان تدريجياً منطقة المعابد القديمة وغطت أراضيها بأكوام الغبار. انتقل السكان أكثر نحو الجزء الجنوبي من المدينة، حيث عاشوا في المنازل القديمة المهجورة وقاموا ببناء المزيد والمزيد من الشقق الجديدة لهم.
وفي عهد الإمبراطور دقلديانوس (القرنين الرابع والخامس الميلادي)، تم بناء معسكر نارموثوس في ضواحي المدينة (الطرف الشرقي). وكان هذا المعسكر يضم جنوداً من عدة كتائب، مما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لمدينة نارموثوس.
وفي العصر القبطي، استقر السكان في المنطقة الجنوبية وقاموا ببناء عدة كنائس في القرون الخامس والسادس والسابع، تميزت إحداها بمخطط أرضي فريد من نوعه يضم 13 جناحًا. ومن القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر، عاش العرب في بعض أجزاء المدينة، لكنهم سرعان ما تركوا المكان وأصبح يعرف باسم مدينة ماضي. ويظهر هذا الاسم على خرائط الفيوم.
الدقهلية
الآثار الفرعونية واليونانية والإسلامية.. هل من منقذ؟
العديد من المواقع الأثرية والتاريخية التي تشتهر بها محافظة الدقهلية، على الرغم من كثرة التلال الأثرية والمساجد، لا تزال مهملة بدلاً من استغلالها على أفضل وجه وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي، وغيرها التي لها أهمية كبيرة لم يتم التطرق إليها فكرت في الاعتناء بها. والهدف الآن هو وضع الدقهلية على خريطة السياحة.
تضم الدقهلية آثار إحدى المدن الفرعونية المعروفة باسم مندس. وفي العصور الوسطى كان يطلق عليها اسم تل المندور “الغضب” وكانت هذه المنطقة بمثابة عاصمة المنطقة.
تل تمي العميد
ويعرف بتل بن سلام مثل الثماويين باليونانية. وكانت هذه المدينة من أهم المدن في العصور المختلفة، وخاصة في العصر المتأخر، حيث عثر على العديد من الآثار، وبجوارها تقع مدينة مندس، وهي المدينة التي أقام فيها ملوك الأسرة التاسعة والعشرين، وبالتالي واحدة من أشهر الأماكن السياحية في الدقهلية.
تل الفرخة
تعد منطقة تل غزالة بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية أو ما يطلق عليه الناس “تل الفرخة” من أهم التلال الأثرية في مصر حيث يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الأسرات. كما أنها كانت وجهة لطرق التجارة بين مصر وبلاد الشام، فضلا عن انتشار بعثات التنقيب عن أثر الحضارات، مما دفع عددا من علماء الآثار للمطالبة بوضعها على الخريطة السياحية المصرية ككل. وجهات الوافدين الأجانب والمهتمين بالحضارة المصرية.
تل بلامون
وتقع في الشمال الغربي من مدينة شربين على بعد حوالي 8 كم، أمام قرية أبو جلال. في عصر الرعامسة، كانت هذه المنطقة هي المقاطعة السابعة عشرة لمصر السفلى وكانت بمثابة العاصمة.
وهو من أهم التلال القريبة من مدينة دكرنس. وتقع على موقع مدينة تيبلة القديمة، والمعروفة أيضًا باسم “أتونيس”، وهي قناة مشهورة جدًا في العصر اليوناني والروماني.
“تل المقدام” يقع في كفر المقدام على بعد 10 كم من مدينة ميت غمر. كان هذا التل يعرف باسم “هليوبوليس” في العصر اليوناني والروماني، وما زال يتم اكتشاف العديد من الآثار والأحجار المكتوبة بالهيروغليفية هناك. ويعتبر هذا التل من أهم الأماكن السياحية في الدقهلية.
وأهملت وزارة الآثار المصرية العديد من المواقع الأثرية وخاصة الدينية منها، منها زاوية الأمير حماد بمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، والتي تحتل موقعا متميزا على ضفاف النيل بالمدينة وتعتبر موقعا أثريا فريدا من نوعه. عمل الهندسة المعمارية.
تأسست زاوية الأمير حماد عام 1615م في عهد الخلافة العثمانية على يد الأمير حماد بن مقلد قائد الجيوش المصرية وأمير اللواء الملكي، وضمتها هيئة الآثار الإسلامية في 21 نوفمبر 1951.
وتعرضت الزاوية في الآونة الأخيرة لإهمال شديد من قبل هيئة الآثار، فبدلاً من أن تجعلها منطقة جذب سياحي أصبحت مغلقة من الداخل والخارج ومغطاة بالغبار وأصبحت مرتعاً للسياح أمام أصحاب الألعاب والمراجيح.
مسجد الصالح أيوب
بني جامع الصالح أيوب في عهد الصالح نجم الدين أيوب آخر الحكام الأيوبيين عام 1243م، والذي قام ببنائه بنفسه في مدينة المنصورة، ثم رصدت “جزيرة الورد”. ، بمحافظة الدقهلية. وهو مسجد قديم تم تدميره بعد تفجير مديرية أمن الدقهلية في ديسمبر 2013.
عمر المسجد 776 سنة ويعود تاريخه إلى العصر الأيوبي. وكانت جميع نوافذ المسجد القديمة مصنوعة من الجص والزجاج الملون، كما دمرت أبوابه وأجزاء من أسقفه بقوة الانفجار. ويعتبر تحفة معمارية وتراثاً إسلامياً، إذ تحمل أعمدته تاريخاً إسلامياً عريقاً وكله أركانها تاريخ من الصنعة والتحف. وتضمنت هندسته المعمارية الأرابيسك المصنوع يدوياً والرخام الأبيض النادر، وقد تم تصميمه بأسلوب فريد من نوعه على الطراز المملوكي. مئذنة الطراز.
ويعاني المسجد من إهمال خطير حيث أن عدم الاهتمام من وزارة الأوقاف وهيئة الآثار ساهم في تدهور حالة المسجد رغم أنه كان في حاجة ماسة إلى الترميم.
دمياط
الكلاب والخيول الضالة تسكن عرابي الطابية
بالرغم من الحديث المستمر عن ترميم آثار الطابية عرابي بمدينة عزبة البرج بمحافظة دمياط وتحويلها إلى منطقة جذب سياحي، إلا أن هذه مجرد تصريحات ويعتبر النصب التاريخي من أهم وأشهر المعالم الأثرية آثار في دمياط وأحد الحصون التي بنيت لمواجهة وصد أي عدوان من البحر.
وتحولت الطابية عرابي من معلم مهم إلى خراب ومكب وتكاثر الكلاب والحيوانات الضالة. وهي الآن مأهولة وعانت مبانيها من الإهمال ونسي تاريخها باعتبارها حصنا حصينا في وجه الغزاة.
عرابي الطابية وكر لتعاطي المخدرات وتراكم النفايات
ويقول ياسر عيسى، أحد سكان المدينة، إن عرابي طابية تحولت في البداية إلى مكب للنفايات وتعاطي المخدرات، ومخبأ للصوص وقطاع الطرق، لأن وزارة الآثار أهملتها قبل صدور القرار بـ 16 عاما. السابقة، لاستعادتها، ولم ينفذ القرار حتى يومنا هذا، مما أدى إلى ما نتج عنه. أما اليوم فهي مهملة ومدمرة. شهدت عزبة البرج عدة تغييرات أهمها ما حدث في عهد عباس باشا، حيث شمل تخطيطها تشييد قلعة كبيرة على ضفاف النيل لا تزال موجودة إلى الآن، بالإضافة إلى عدة بنادق بارود. المحلات التجارية التي لا يزال بعضها موجودًا حتى اليوم والصهاريج. وفي الوسط، بجوار بيت الحاكم، كان هناك مسجد كبير.
وفي عهد الخديوي توفيق تقدم الأسطول الإنجليزي لفتح مصر، وخرج الخديوي للقائهم في الإسكندرية. وأعلن أحمد عرابي وزير الحربية آنذاك العصيان على الخديوي وأرسل جنوده إلى عزبة البرج الطابية للدفاع عن مصر من هذا الخروج بقيادة عبد العال باشا حلمي، وأقام جيش عرابي هناك و تم تنفيذ جزء من الهندسة المعمارية لزيادة تحصينها، ومنذ ذلك الوقت عرفت باسم الطابية عرابي حتى القرن السابع عشر، نهاية الاحتلال الفرنسي وصعود محمد علي إلى السلطة واستعادة الطابية عرابي.
الطابية عرابي هي سلسلة من التحصينات العسكرية التي تم بناؤها أثناء الحملة الفرنسية على مصر لحماية سواحلها من الغزو البحري.
تبلغ مساحة الطابية 60.000 متر مربع أي ما يعادل حوالي 14.3 فدان، وبها خطوط تزيين الحرم الأثري طبقاً للقرار 201 لسنة 1987، ويبلغ قياسها 20 متراً من جميع الجهات ما عدا الجهة الشمالية الغربية التي يصب فيها النهر. المحمية الطبيعية لمنطقة الطابية. وتبلغ مساحة الحرم الجديد حوالي 25 هكتارًا، ويقسمه طريق طولي يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويبلغ طول طابية دمياط 300 متر، وعرضها 200 متر من الشرق إلى الغرب. وتحتوي على عدد من التحصينات العسكرية التي تم بناؤها أثناء الحملة الفرنسية على مصر لحماية الساحل من الغزو البحري. يوجد مسجد في الوسط، ومخازن البارود والمعدات العسكرية في الجانب الشرقي.
ويوجد بها مبنى مشنقة ومطبخ، بينما تقع ثكنة الجند أو السقيفة الكبيرة التي بناها عباس باشا في الجهة الغربية من الطابية، وتطل على سور الطابية والخندق الخارجي بحوالي نصف كيلومتر ارتفاعه متراً، كما توجد على جانبيه بقايا الأبراج. المدخل الشرقي للطابية يحتوي على بعض الحظائر والآن جميع المباني بعد انتهاء الاحتلال الفرنسي وصعود محمد علي للسلطة اهتم بالقلعة وقام بترميمها لأهميتها العسكرية. وفي عهد الخديوي عباس تم ترميمها مرة ثانية في عهد الخديوي إسماعيل وسبب تسمية القلعة بـ “طابية عرابي”. وفي عام 1882 لجأ العرب إلى القلعة لحماية أنفسهم من الاحتلال البريطاني، وسميت الطابية طابية منذ أن تم تسجيلها كأثر إسلامي بالقرار رقم 21 لسنة 1985، باستثناء كشف السور الخارجي الخندق في العام لم يتم تنفيذ أي أعمال صيانة أو حفر في عام 1989. كما صدر قرار بترميم “الطابية عرابي”. منذ سنوات، ولكن لم يتم تنفيذها.