لبنان يتأرجح بين الدبلوماسية والنار
وفي الساعات القليلة الماضية، صدر نداء دولي مشترك (أميركي – أوروبي – عربي، إلى جانب اليابان وكندا وأستراليا) يدعو إلى وقف مؤقت لإطلاق النار على الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل. تمهيداً لإبرام اتفاق دبلوماسي على أساس تطبيق القرار الدولي 1701.
وجاء النداء الدولي بعد تدهور الوضع الأمني بين لبنان وإسرائيل وحذر من احتمال أن يؤدي التصعيد بين الطرفين إلى صراع واسع النطاق لا يمكن التنبؤ بعواقبه، خاصة وأن هناك مخاوف من أن يمكن أن يؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع للصراع.
حضور الرئيس نجيب ميقاتي في المشاورات ومن خلف كواليس اجتماعات نيويورك هو الإشارة الأولى إلى أن الرجل لديه مجال للمناورة (أي بتفويض من حزب الله) بالتنسيق وبتشجيع من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
لكن هذا لا يكفي، إذ أن الاتفاق المطروح على حزب الله، كما أصبح معروفاً، جاء ضمن سيناريوهين: الأول هو الفرنسي، والذي يتضمن إعداد مشروع قرار جديد لمجلس الأمن لوقف إطلاق النار استناداً إلى القرار 1701. مع إضافات تتوافق مع المطالب الإسرائيلية، والثانية أميركية، وهي على نمط الاقتراح الذي قدمه. ويرافقه المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة للمنطقة وبيروت، إضافة إلى طرح وقف إطلاق النار لفترة محددة لتسهيل الحركة واستكمال المفاوضات.
الجميع أبدى رأيه وينتظر الرد من طرفي الصراع الدائر، إذ أرسل كل منهما إجابات أولية عبر مكتب ميقاتي، قائلا إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي رحب بالنداء الدولي المشترك لكنه لم يوقع على الاتفاق. وردت إسرائيل عبر مكتب نتنياهو بأنه لم يوافق على الاتفاق، أي وقف إطلاق النار، وأعطى الأمر بمواصلة الحرب على الحدود الشمالية.
ولا تزال الأمور معقدة مثل مسألة «فك الارتباط» بين غزة ولبنان. أحد شروط إسرائيل لتطبيق وقف إطلاق النار هو أن يكون الاتفاق مع حزب الله منفصلاً عن إنهاء الحرب في غزة. وحتى الآن، كما تسرب، فإن الاتصال بين الجبهتين قائم.
ويرى المراقبون أن الالتزام بهذين الشرطين من قبل الجانبين يمكن أن يقوض الجهود الدبلوماسية الكبرى التي بذلت خلال الساعات القليلة الماضية، وهي خطوة جيدة ولكنها غير كافية أيضا طالما أنها ليس لها أساس عملي على الأرض ولا يمكن أن تتكشف خلال الـ 21 يوما المعلن عنها. وقف إطلاق النار وتحويله إلى وقف دائم لإطلاق النار، والذي سيتحول لاحقاً إلى اتفاق.
وبحسب مراقبين، فإن هناك شكوكاً حول قدرات الحكومة الأميركية -إدارة بايدن التي تشهد أيامها الأخيرة- وهدفها الأساسي هو تجميد الحرب من أجل تمرير انتخاباتها الرئاسية في المفاوضات مع لبنان على نفس المنوال وبنفس الطريقة كما في المفاوضات مع قطاع غزة، د يعيد الكرة إلى ملعبه ويلومه على رفض العروض والحلول السياسية وبالتالي الاستمرار في لعبة النار.
الكرة اليوم في ملعب حزب الله. فهل تتوقف عند هذا المستوى من الخسائر، أم أنها تملك وسائل الضغط لإعادة ميزان الردع إلى شكله الأصلي وبالتالي تحسين شروط المفاوضات؟